في ليلة مليئة بالنجوم ونسيم الهواء يتسلل إلى قلبك بخفة غير مسبوقة، وأنت غارق بين ذكرياتك تتفاجأ بشهب مضيئة تنطلق سريعًا، ما عليك إلا أن تغمض عينيك لثوانٍ قليلة وتطلق أمنيتك إلى السماء لتلاحق تلك الشهب ربما تتحقق يومًا، ولكن ما هو السر وراء ذلك الشعاع الضوئي في السماء؟ وهل ستتحقق تلك الأمنية حقًا؟!
ومضة الشهب في السماء:
إذا صادفت رؤية الشهب يومًا، فستجد أنها شعاع من الضوء يمر سريعًا قد لا تلاحظ مروره أبدًا إلا إذا أطرقت عينيك للسماء، حيث ينتج ذلك الشعاع عن تصادم النيازك في الغلاف الجوي للأرض، فتلك النيازك هي شظايا صغيرة من الصخور، ظهرت نتيجة اصطدام عدد من الكويكبات، وقد تنتج النيازك أيضًا أثناء دوران المذنبات حول الشمس، حيث تتناثر على شكل غبار وحطام.
لكن كيف تظهر الشهب بسبب النيازك؟
بعد دخول النيزك عبر الغلاف الجوي العلوي للأرض، يقوم بإحداث احتكاك مع جزئيات الهواء وهو الأمر الذي يؤدي إلى سخونة النيزك، وبالتالي بسبب ارتفاع درجة حرارته يحدث توهج للغازات حول النيزك بشكل ساطع ومرئي، عند تلك اللحظة بالتحديد يظهر الشهاب مع ذيل مضيء من الغازات بالإضافة إلى جسيمات النيزك المحترق.
كما أن هناك تفاوت في حجم الشهب، فهناك الصغير جدًا وهي التي تصدر شعاعًا ضوئيًا لمدة ثوانٍ فقط، أما الكبيرة منها فتظل مضيئة لمدة تصل إلى دقائق أحيانًا، كما يعتقد عدد من العلماء أن ما يقرب من 50 طنًا من الشهب، تتساقط يوميًا على الأرض لكنها في الغالب تكون صغيرة جدًا غير مرئية.
لكن هل تصدق أن الشهب أيضًا تسقط نهارًا، لكنك بالطبع لا يمكن رؤيتها بسبب الشمس، وإنما عندما يحل الليل وفي وسط ظلمة السماء يمكنك حينها أن تلوح للشهب التي تتناثر واحدة تلو الأخرة، وتخبرها بأمنيتك سرًا حتى تصطحبها إلى السماء، بالأخص في أثناء ظاهرة زخات الشهب، التي أشهرها “البرشاويات” حيث تأتي من جهة كوكبة “برشاوس أو حامل رأس الغول”، التي تعد من أكثف زخات الشهب حيث يمكن مشاهدة حوالي 75 شهابًا كل ساعة في ليلة 11-12 أغسطس في كل عام.
كما أن الشهب لا تختلف في أحجامها فقط وإنما في ألوانها أيضًا، فعلى سبيل المثال الشهب التي تحتوي صخرة نيزكها على الحديد بشكل كبير تكتسب اللون أصفر، أما تلك التي تحتوي على كمية كبيرة من الكالسيوم يلازمها شعاع ذي لون بنفسجي، ولأن الظواهر الغريبة دومًا ترتبط بالخرافات والأساطير، فكيف طال الأمر ظاهرة الشهب؟
اقرأ أيضًا: ماذا لو حلم السفر عبر النجوم أصبح حقيقة؟
أساطير حول الشهب:
على مدار عصور طويلة سيطرت بعض الأساطير والخرافات على عقول البشر، بعضهم آمن بها دون تفكير، وآخرين كانوا يعلمون أن الأمر ما هو إلا أكذوبة اخترعها البعض، لكن هناك زاوية ما داخل عقلك تعتقد أحيانًا أن الأساطير حقيقة ربما لأنك تود أن تصدق ذلك رغم المعطيات التي تثبت عكس ذلك.
فمنذ سنوات طويلة بالتحديد في العصور القديمة، آمن الناس أن الشهب تستحضر الخرافات، نظرًا لغرابتها غير المشهودة، كما ظن البعض أنها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالآلهة والدين أيضًا، وظل هذا الاعتقاد هو الشائع لقرون طويلة دون أن يحاول أحدهم البحث وراء الحقيقة أو تفسير منطقي لتلك الظاهرة.
حيث كان يعتقد البعض أن الشهاب يسقط على الأرض ويراه الناس لأنه هدية من الملائكة أي اعتبروا ظاهرة الشهب تبث التفاؤل والبهجة، بينما اعتقد البعض الآخر أن الآلهة كانت تعبر عن غضبها من خلال إلقاء الشهب على الأرض، أما عن التفسير الآخر فكان في حوالي القرن السابع عشر، حيث اعتقد عدد كبير من الناس آنذاك، أن الشهب تسقط على الأرض من العواصف الرعدية بشكل خاص.
لكن في الحقيقة كان للعلماء رأيًا آخرًا، حيث كانوا يعتقدون أن الشهب تسقط من الغيوم والسماء، ثم قال البعض الآخر أن الشهب هي أجزاء وتكسرت من الكويكبات ومن ثم ظهرت على الأرض، ويرجع سبب ظهور هذه النظرية إلى سقوط أحد الشهب يومًا فوق ولاية كونيتيكت عام 1807، حتى تم تفسير الظاهرة علميًا فيما بعد بسببها المعروف في الوقت الحاضر وهو النيازك.
اقرأ أيضًا: “كائن فضائي وإله روماني”.. كيف فسر الشعوب “الشفق القطبي”؟
هل الشهب تحقق الأمنيات حقاً؟
في الحقيقة رغم معرفة الناس السر وراء ظهور الشهب، إلا أن هناك أسطورة ما زالت تلازمنا حتى هذه اللحظة يصدقها البعض بشكل جنوني، وآخرين ربما يفعلونها من أجل الفكاهة لا أكثر لكنهم في الحقيقة يتمنوا حقًا من أعماق قلوبهم لو أنها تصبح حقيقة يومًا، بالتأكيد أدركت عزيزي القاريء ما هي تلك الأسطورة.
تخبرنا تلك الأسطورة أنك عندما تتمنى شيئًا ما عند رؤية سقوط الشهب، تتحقق تلك الأمنية في إحدى الليالي، ففي لحظة ما عندما ترفع رأسك للسماء وتكون النجوم ساطعة في المنتصف وهناك نسيم طفيف يشعرك أنك تحلق وسط تلك النجوم، ثم فجأة في لحظة غير متوقعة يمر شهاب ساطع في السماء، أغمض عينيك سريعًا وأخبر الشهب بأمنيتك وأنتظر أملًا في أن تتحقق يومًا.
ولكن ما السر وراء ظهور تلك الأسطورة؟
يعتقد البعض أن هذه الفكرة قد نشأت بالتحديد في أوروبا، عندما ادعى الفلكي “بطليموس” ذلك الأمر بدافع الفضول أو حتى الملل آنذاك، حيث كان يعتقد أن ظاهرة الشهب تحدث بسبب نظرة الآلهة إلى الأرض ومن ثم التحديق في رعاياهم من البشر فتتساقط تلك الشهب، حتى مرت السنوات والقرون وعرف العالم السر الحقيقي وراء ظهور الشهب في السماء لكننا رغم ذلك ما زلنا ننتظر أمنياتنا أن تتحقق يومًا حتى ولو كان الأمر مجرد خرافة.
أخبرنا أنت أيضًا عزيزي القاريء.. هل الشهب حلقت في السماء برفقة أمنتياتك يومًا؟
اقرأ أيضًا: أفضل 6 أماكن لعشاق رصد النجوم والظواهر الفلكية في مصر
