كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد مرضى الألم المزمن؟
يعد الألم المزمن من أكثر الأمراض الشائعة والمنتشرة بكثرة، ولعل أبرزها آلام الظهر وآلام الرقبة وآلام المفاصل وآلام العمود الفقري وآلام الكتفين المتجمدة، وهشاشة العظام والصداع النصفي، وغيرها من الآلام التي قد تؤثر على حياة العديد من الأشخاص بشكل سلبي، فمنهم من يتغيب عن العمل وقد يصاب بالاكتئاب، ذلك الأمر الذي يجعلهم يتجهون إلى مسكنات الألم دائماً مما يؤثر عليهم.
وتشير دراسة جديدة نشرتها دورية (JAMA Internal Medicine)، إلى أن العلاج السلوكي المعرفي المدعوم بالذكاء الاصطناعي، يعد بديلاً فعالاً لمسكنات الألم، كما أنه يقدم نفس النتائج مثل البرامج الموصى بها من قبل المعالجين، في نفس الوقت التي تتطلب فيه وقتاً أقل بكثير من الطبيب، ذلك الأمر الذي يجعل هذا العلاج أكثر سهولة.
وقال جون بييت، الأستاذ في كلية الصحة العامة بجامعة ميشيجان إنهم متحمسون للغاية لنتائج هذه الدراسة، لأنه بذلك يستطيعون إثبات إمكانية إدارة الألم بشكل جيد من خلال برامج العلاج السلوكي المعرفي القياسية المدعوم بالذكاء الاصطناعي، وبالفعل تم تنفيذ ذلك باستغراق وقت أقل من نصف الوقت الذي يستغرقه المعالج في النهج الموصي به من قبل الإرشادات.
الألم المزمن
أكدت الدراسة أن العلاج التقليدي من قبل معالج يتم تقديمه في مدة تتراوح من 6 إلى 12 جلسة شخصية أسبوعية تستهدف سلوكيات المرضى، وتساعدهم على التأقلم العقلي ومساعدتهم في استعادة وظائفهم، ولكن العديد من الأشخاص الذين يعانون من الألم المزمن لا يستطيعون الانتظام في تلك الجلسات، لالتزامهم بأشياء أخرى مثل العمل والمسؤوليات الأسرية، لذلك فإنهم يلجئون إلى الأدوية والمسكنات لعلاج أعراض الألم.
وقام المسؤولين عن الدراسة باختيار 278 مريضاً يعانون آلام الظهر المزمنة، وتقسيمهم بشكل عشوائي إلى مجموعتين، لتتلقى إحدى المجموعات العلاج المعرفي السلوكي القياسي من خلال عشر جلسات هاتفية مدتها 45 دقيقة مع معالج، وتلقت المجموعة الأخرى العلاج المدعوم بالذكاء الاصطناعي، من خلال التبليغ عن أعراضهم عبر مكالمات آلية يومية قصيرة، وبناءً على طريقة أدائهم، أوصى البرنامج المدعوم بجلسة معالج مدتها 45 دقيقة أو 15 دقيقة أو جلسة كاملة تغطي محتوى مشابه دون الحاجة إلى وجود معالج.
وأوضحت الدراسة أنه بعد مرور ثلاثة أشهر، كانت شدة الألم لدى المرضى أقل وتداخل الألم جيد للغاية مع البرنامج المدعوم بالذكاء الاصطناعي، وفي ستة أشهر كان عدد أكبر بكثير من المرضى في المجموعة المدعومة بالذكاء الاصطناعي قد شهدوا تحسينات مهمة سريرياً في نتائجهم، ليكمل 82% من المرضى في المجموعة المدعومة بالذكاء الاصطناعي علاجهم في 10 أسابيع، مقارنة بـ 57% من المرضى الذين تلقوا 10 أسابيع من الاستشارة عبر الهاتف من قبل المعالجين.
الذكاء الاصطناعي
أكدت الدراسة أنه بالرغم من تلقي المزيد من الأسابيع من العلاج، فإن البرنامج المدعوم بالذكاء الاصطناعي استخدم أقل من نصف وقت المعالجين، ذلك الأمر الذي يعني أنه يمكن مضاعفة عدد المرضى الذين يمكن علاجهم بنفس العدد من الأطباء، ويمكن أن يكون لهذه النتيجة تأثيراً كبيراً على تقديم العلاجات النفسية للأشخاص الذين يعانون من الألم.
وأوضح مسؤولي الدراسة أنه يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في معرفة كيفية منح كل شخص القدر الذي يحتاجه من الاهتمام للتخلص من الألم المزمن، وذلك مع ضمان عدم إنفاق الموارد النادرة مع المرضى الذين لا يستفيدون منها، كما أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في استهداف المزيد من الخدمات التي يمكنها المساعدة أكثر من غيرها.