قبل سنوات طويلة بالتحديد قبل الثورة الرقمية والتكنولوجية، كان أمر الوصول إلى أية معلومة يتطلب بحثًا طويلًا مع وجود تناقض كبير فيالآراء، خاصة فيما يتعلق ببعض الأمراض النادرة أو الاضطرابات التي كان يجهل العالم كيفية التعامل معها وإدراك خطورتها على المدى البعيد، فكان أسهل ما يتم وصف الشخص به أنه “مجنون” أو مختل عقليًا لأنهم ببساطة لم يدركوا وقتئذ له تشخيص ودواء كغيره من الأمراض حتى وإن لم يصل العلم إلى علاج له، لكن في العصر الحديث ومع احتكار الثورة الرقمية، أصبح بإمكان أي شخص على وجه الأرض استخدام الإنترنت والبحث والقراءة بتعمق عن أعراض قد يجهل تفسيرها حتى يصل بشكل مبدئي إلى تفسير منطقي ويبدأ في اتخاذ الخطوة القادمة.
“التوحد” يعد واحدًا من الاضطربات التي تعرضت لشائعات عدة على مدار سنوات طويلة، حتى أدى الأمر إلى تشخيص المصاب به بشكل خاطيء في بعض الأحيان، وأحيانًا أخرى جهل الأهل بكيفية التعامل مع المتوحد بشكل مناسب لأنه بالطبع يحتاج إلى رعاية خاصة، بالتحديد أنتِ المعنية أيها الأم لأنكِ أكثر من يتعامل مع الأطفال في ظل غياب والدهم في العمل وانشغاله طوال اليوم، وأنتِ أيضًا من باستطاعته إخباره بالطريقة الصحيحة في التعامل مع الطفل المتوحد، لذا في السطور التالية تخبرك منصة “كلمتنا” كيفية التعامل سلوكيات الطفل المتوحد بشكل مناسب.
اقرأ أيضًا: هل يمتلك طفلك صديقًا خياليًا؟.. انصت إليه وتصرف بعناية
مرض التوحد:
إذا أردنا تفسير اضطراب التوحد بشكل علمي، فهو ببساطة اضطراب عصبي يؤثر في نمو الشخص، كما أنه يحدث في مرحلة مبكرة من الطفولة، وللأسف هو أمر مزمن يلازم الشخص طوال حياته، ومن أشهر وأهم أعراضه أنه يؤثر في كيفية تصرف الشخص وتفاعله مع الآخرين بشكل ملحوظ جدًا بالإضافة إلى أنه يؤثر في تواصله وتعلمه في كل النواحي.
لكن إذا تساءلنا عن أسباب الإصابة باضطراب التوحد فهي وعلى الرغم من تقدم العلم حول العالم إلا أن الأسباب غير معلومة حتى الآن، ولكن بعض الدراسات تدور حول العوامل البيئية والجينية بالتحديد لكننا أيضًا لا يمكننا أن نجزم بذلك الأمر، وللأسف الشديد أيضًا فإن هذا الاضطراب لا شفاء منه على الإطلاق بل هناك أسس للتعامل مع صاحب طيف التوحد من أجل مساعدته على تخطي تلك الصعاب.
فهناك عدة أعراض واضحة تتعلق بالمتوحد عليكِ الانتباه إليها يا عزيزتي إذا كان طفلك يعاني منها، على سبيل المثال ستلاحظين اهتمام كبير منه بأشياء معينة مثل الأرقام، كما أنه يتابع بشدة الأجسام المتحركة حيث تلفت أنظاره بشكل كبير، بالإضافة إلى أنكِ إذا تحدثتِ معه ستلاحظين أنه لا ينظر إلى عينيكِ من الأساس ولا يبال بحديث من حوله وإذا قام أحدهم بمناداته باسمه ستكون استجابته في الرد بطيئة جدًا، كما أنه أيضًا نادرًا ما يشارك في أية أنشطة.
إذا كان طفلك يعاني من اضطراب التوحد فستلاحظين أنه يكرر بعض الكلمات أو العبارات التي يسمعها حتى إذا كان الحديث غير موجه إليه، كما أن تعبيرات وجهه في الغالب لا تتناسب كثيرًا مع مجرى الحديث الذي يدور بينكم، كما أن أكثر ما يلفت نظرك تجاه الطفل المتوحد هو أن لديه حساسية كبيرة من الضوء، الضجيج، الملابس، درجة الحرارة، النوم ومشاكل في الهضم بشكل عام، فإذا كان طفلك يعاني من تلك الأعراض وتم تشخيصه باضطراب التوحد، إليكِ كيفية التعامل مع سلوكياته بشكل يناسب حالته دون إزعاجه أو المشاجرة معه.
اقرأ أيضًا: كيف تتعامل مع طفل ال ADHD؟
كيفية التعامل مع سلوكيات الطفل المتوحد:
قبل أي شيء عليكِ تفهم وضع طفلكِ بشكل كبير وإدراك حالته الخاصة وكذلك تقدير الحالة النفسية التي يمر بها الصغير، فهو طفل حساس يجب التعامل معه بحذر شديد وصبر أكبر ولين قلب، فلا مزيد من العصبية والشجار والتحامل على تلك الروح الضعيفة بسبب عدم تفهمك لحالته بشكل صحيح، فإذا كنتِ تقرأين هذا المقال فأنتِ على طريق الصواب يا عزيزتي من أجل التعامل مع سلوكيات الطفل المتوحد بطريقة مدروسة ملائمة لحالته الخاصة.
كما عليكِ أيضًا الحرص على تنمية مهاراته الذاتية بما فيها الثقة بالنفس بشكل خاص لأنه في الغالب يشعر بغرابة غير معهودة وسط أقرانه، لذلك عليكِ تشجعيه بشكل دائم على كل ما يقوم به وبث روح الإيجابية داخل قلبه حتى يلحق في سعادة وسلام، وأوكد عليكِ يا عزيزتي أنه عليكِ ألا تصرخي في وجهه وتنبذيه وتنتقديه بشكل دائم، حتى لا يؤثر ذلك في قلبه بشكل سلبي لذا ارجو منكِ الانتباه لطريقة تعاملكِ معه قدر الإمكان.
عليكِ أيضًا محاولة دمج طفلك مع أقرانه حتى لا يلجأ إلى العزلة والانطوائية بشكل دائم، كما عليكِ أيضًا تعليمه بطلف وإيجابية كيفية اللعب والتفاعل مع الآخرين بشكل يعزز من مهاراته وشخصيته، بالإضافة إلى أنه عليكِ التركيز على تنمية التواصل البصري واللفظي لطفلكِ المتوحد، أي لفت نظره إليكِ قدر الإمكان حتى ينظر إلى عينيكِ بشكل مباشر وتحدثي معه مطولًا حتى يستطيع التحدث بشكل طبيعي واعتيادي.
من الضروري أيضًا تعليم الطفل المتوحد كيفية الدفاع عن نفسه بشكل سليم، لأنه في الغالب يجهل ما يعينه الخطر وهو أمر غاية في الأهمية من أجل المحافظة على سلامة طفلكِ، بداية من المرحلة الدراسية وصولًا إلى سنوات المراهقة والشباب، لذا عليكِ تدريبه على كيفية الهروب من مصدر الخطر الذي قد يهدد حياته وأيضًا كيف يمكنه الدفاع عن نفسه بشكل صحيح.
اقرأ أيضًا: كيف يمكنكِ غرس مهارات “التعاون” في طفلك الصغير؟