خروجتنا

“كلمتنا” تأخذك في رحلة عبر 200 عام لمعرفة تاريخ مهنة “الحناطير”

عندما يُذكر اسم “حناطير” يخطر في ذهن الكثير أن الحناطير وسيلة ترفيهية وليس أكثر، ولكن لا يعرفون أنها كانت من أهم وسائل النقل طوال 200 عام، والتي تحولت بالتدريج من عربة زاحفة إلى وسيلة مواصلات وسبب ظهورها يرجع إلى الاحتلال الإيطالي.

دعونا نتعرف على كيفية دخول هذه المهنة مصر وكيفية تحولها من وسيلة مواصلات عامة إلى وسيلة ترفيهية سياحية وهناك من يظل يستخدمها كوسيلة حتى وقتنا هذا ولماذا تم هجر هذه المهنة في وقتنا الحالي؟ دعونا نتعرف..

كيفية دخول الحناطير المحروسة

“ياعم يا عم يا بتاع الحنطور” الكثير يدندن هذه الأغنية ولكن لا يعلم عن أصل مهنة الحنطور، وكيف دخلت المحروسة منذ عقدين؟ ادخلها الاحتلال الإيطالي مصر بواسطة استيراد معداتها من الخارج، فكانت هذه المهنة منتشرة بشكل كبير في أوروبا وإيطاليا وإنجلترا حتى انتقلت إلى مصر في عهد محمد علي باشا بداية من القرن الـ 19، كان يتم استيراد المعدات من الخارج ويتم تركيبها بواسطة العمال الإيطاليين.

وفيما بعد ساهم العمال المصريون في تركيبها مع إضافة الكثير من التعديلات بشكلها المجمل مما ساهم في إعطائها شكل الطراز المصري الأصيل، حيث كان يتم تزيينها بالنحاس على هيئة أشكال مختلفة، وتم إدخال نظام “الكنبة المستديرة” التي كانت أكثر تحملًا ومتانة من النظام الأوروبي، وكان يتم تزيين الحصان بملابس حول رقبته يصنعها سائق الحنطور بنفسه.

الحناطير

اقرأ أيضًا: من العجلات الحربية وسسمت إلى العفريت.. تعرف على أقدم وسائل المواصلات في مصر

بداية الحنطور في الحضارات المختلفة

لا أحد يعلم أن الحنطور كان تستخدم منذ آلاف السنين عبر تطور الحضارات ولكن بنمط مختلف عما يوجد الآن، كان في آسيا يستخدم العربة الزاحفة التي كانت تجر بواسطة شخص ومع قيام الثورة الصناعية تم تطويرها وأصبحت تستخدم بواسطة حصان لقدرته على تحمل أطنان كثيرة.

كانت الحضارة السومرية تستخدم العربة على هيئة عربة خشبية من جذوع خشب تستخدم لنقل الحمولات الثقيلة، كان السومريين تقريبا هم الحضارة الوحيدة التي سبقت باقية الحضارات في ابتكار تلك عربة الخشبية ولكن دون استخدام عجل أو حصان، وتم تطوير هذه الفكرة مع دخول الهكسوس مصر وتم صناعة عربية بعجل حتى تجعل التنقل أكثر سهولة.

ولكن الكثير لا يعلم أن فكرة العربة التي تجر بواسطة عجل كانت فكرة مبتكرة من قبل دخول الهكسوس مصر ولكنها لم تكن تستخدم كثيراً بسبب أنها كانت لا تصلح لنقل الحمولات الثقيلة.

مع تطور الزمن تم إدخال فكرة العربة وتجرها الثيران مع دخول “الدولة الحديثة” كانت تستخدم لنقل الزاد في المناجم، وتم الوصول إلى فكرة ركوب الخيل التي كان يستخدمها طبقة النبلاء والذين يملكون مكانة اجتماعية كبرى، أما بقية الشعب كانت وسيلة مواصلاتهم الحمير للتنقل.

الحناطير

اقرأ أيضًا: من عباس العقاد إلى كلوت بك.. ما السر وراء أسماء الشوارع المصرية

أنواع الحناطير واستخداماتها

كان النوع الأساسي قديما يسمى “روشيل” كان يتم استيراده من فرنسا وكان يستخدم لنقل الحمولات والأشخاص، ونصف دوران، أما النوع الآخر يسمى “بيزابيه” وكان استخدامه حربي ويوجد في المتحف الحربي، ويوجد نوع آخر اشتق منه اسم “اتومبيل” وكانت عبارة عن عربة مغطاة.

تختلف أنواع الحناطير فيما بينها، حيث يوجد حنطور مصنوع من بويه كحلي أو مصنوع من الجلد الطبيعي، أو مصنوع من المشمع.

أشكال الحناطير كانت مختلفة أيضا كان يوجد حنطور طلياني والذي كان الطلب عليه كثير وكان على هيئة مربعة وأصغر في الحجم، على عكس الحنطور المصري الذي كان يعتبر كالأرض البور ليس هناك إقبال عليها، ويوجد الحنطور النمساوي وكان قليل الطلب بسبب شكله الكبير.

الحناطير

هجرة مهنة الحناطير واستخدامها كوسيلة ترفيهية

بالرغم من أنه ذاع صيت هذه المهنة ولكن للأسف كما يقول المثل “الحلو ميكملش” تم هجرتها واستخدامها كوسيلة ترفيهية للسياح في الأقصر وأسوان فقط، ويرجع السبب في ذلك في عهد سعد باشا عندما قاموا سواقين الحناطير قديما بالمظاهرات، وظلوا يضربوا بالكرابيج في الهواء.

اعتراضاً على استخدام العربيات بالبنزين وهجرة الحناطير، حتى قاموا بمقابلة سعد باشا وصرح لهم أنه غير قادر على توقف سير العربات بالبنزين بدلا من الحناطير في ظل أن العالم من حوله يتقدم ومصر تظل في زمن الحناطير، حتي تعهد لهم بفتح مدارس تعليم قيادة لهم، وإلحاقهم بالعمل في المصانع الجديدة تعويضًا لهم.

أصبحت مهنة في وقتنا الحالي ترفيهية لها علاقة بالسياحة فقط وليس أكثر، فالكثير هاجر هذه المهنة ولكن البعض الآخر ظل متمسكا بها، اعتقاداً بأن هذه مهنة أجدادهم.

البعض يظل يستخدمها حتى وقتنا هذا وسيلة مواصلات في محافظة المنيا، لكن بالطبع على نطاق ضيق لنقل الأطفال للمدارس والتنقل وسط المحافظة فقط وليس أكثر.

مهنة الحنطور كانت وستظل من أعظم المهن في تاريخ المحروسة برغم من عدم انتشارها في وقتنا الحالي، ولكن لن نستطيع إنكار أن لها متعة أخرى في ركبوها أكثر من أي وسيلة أخرى، تعرفنا خلال موضوعنا عن كيفية دخولها مصر وتطورها الشكلي، وأنواعها المختلفة وسبب هجرتها واستخدامها الترفيهي، هل كنت تعلم عن تاريخ هذه المهنة من قبل؟

الحناطير

اقرأ أيضًا: الأحياء الشعبية في مصر القديمة.. اعرف حكايتهم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى