من الخيامية إلى “الطفاية دي”.. ماذا سيحدث للحرف اليدوية في المستقبل؟
بالرغم من التقدم التكنولوجي الحاضر في عصرنا، إلا أن الحرف اليدوية هي من أكثر المهن إبداعا وجمالا بشكل لا يمكن فعله أو تقديره بالتكنولوجيا الحديثة، لدى الشعب المصري حس فني عالي في صناعة الأشياء والأزمنة، بدايةً من الأهرامات والحضارة الفرعونية حتى صانع “الطفاية”، لذلك قررت منصة “كلمتنا” أن تعرض لكم أبرز الحرف اليدوية في مصر.
مهنة ورثها المصريين عن أجدادهم.. “فن الفخار” يبحث عن العالمية:
طيور من الطين، أوانٍ وأصص زرع، وقناديل، أدوات مائدة كاملة أبدع المصريون في صناعتها من الفخار، مزينة بألوان رائعة ورسوم جعلتها أشبه بقطع فنية تبحث عن سوق للعالمية.
من يرد أن يرى هذا الجمال والإبداع عليه أن يتوجه إلى منطقة “بطن البقرة” بمصر القديمة، حيث قرية “الفخارين” التي بدأ إنشاؤها عام 2004 لتطوير المنطقة التي عرفت بصناعة الفخار منذ قديم الأزل، على أن يتم إنشاء الورش بشكل حضاري، وعلى طول الطريق المؤدي لقرية “الفواخرجية” ترى إبداعاتهم مصفوفة على طول الطريق، أوان، أدوات، مائدة، تحف، تماثيل، نافورات، وحدات إضاءة بأشكال ومقاسات مختلفة، وحينما تضع قدميك أرض القرية تشعر بالهدوء الذي لا يقطعه سوى أصوات “دواليب تشكيل الطمى” التي تئن وكأنها في حالة مخاض ليخرج منها وليد حديد ينطق بعظمة الفنان المصري وقدرته على الإبداع.
الفنان المصري الآن يعيد أمجاد أجداده في هذا الفن الذي يجاهد ليبقى فرغم المشكلات التي تتعرض لها هذه الحرفة، إلا أن بها فنانين وصلوا للعالمية تباع إبداعاتهم بآلاف الدولارات في العالم، وكما للرجال نصيب في هذه المهنة منذ قديم الأزل، فقد دخلت النساء إلى حلبة المنافسات مضيفات روحا جديدة على المهنة.
إحدى هؤلاء النساء “ليلى عبدالمنعم” التي دخلت المهنة عام 2005م، “حينما بدأ التفكير في مشروع التطوير وتم هدم الورش القديمة فهجرها العمال، فوقفت إلى جوار زوجها “خليل مندور” ونزلت للعمل معه مساعدة، واستمر الحال هكذا لعدة سنوات تعلمت فيها الكثير، حتى توفي زوجي والذي كان يعد أحد شيوخ المهنة” فتقول “ليلى” هذه المهنة فن يتعلمه الأطفال منذ الصغر، أما أنا فقد تعلمته كبيرة نظرا لظروف الحياة ومع ذلك فقد نجحت فيه، فهو مثل أي فن كلما أحببناه أحبنا وأعطانا، ووصفت مهنتها بأنها “سحر” فبمجرد أن ألمس الطين تتغير حالتي النفسية فورا وأذوب فيه لأمنحه من روحي فتتحول قطعة الطين إلى روح تنطق جمالا”.
ليس فقط مهنة الفخار هي الموجودة داخل مصر فهناك الكثير من الصناعات الأخرى ومنها أيضا:
اقرأ أيضًا: كارثة: 17% من سكان مصر مدخنون.. وهذه 6 طرق للإقلاع
النقش على النحاس.. انطلاق روح المعادن:
يعتبر النقش على النحاس واحدا من أبرز الفنون الإسلامية التي عرفتها البشرية، حيث يعود تاريخ النقش على النحاس إلى بدايات ازدهار الحضارة العربية الإسلامية، حينما بدأ الإقبال على تزيين المباني كالمساجد والمدارس والقصور وغيرها من المنشآت بشتى أنواع الزينة والزخارف، ووصل الاهتمام بهذه النقوش إلى اقتناء الأشياء والأدوات والأواني المزينة بالرسوم والنقوش، مما أدى إلى نشأة حرف عديدة، كالنقش والرسم والتذهيب والتلوين والتطعيم والتعشيق وغيرها من الوسائل والأساليب التي يطلق عليها “الفنون الزخرفية”.
“النقش على النحاس” فن يجد له سوقا رائجة بمنطقة “خان الخليلي” بوسط القاهرة، حيث يقبل السياح على زياراتها وشراء هذه القطع النحاسية ومنها (المرايا ذات الإطار النحاس، والأطباق وأطقم الشاي، وقلب الشيشة، والصواني المزخرفة، والأباريق، والفازات).
“محمود عمارة” واحد من أبرز من عملوا في هذه الصناعة، أنتج أعمالا تضاهي اروع القطع الفنية على مستوى العالم وما زال يعزف منفردا على قطع النحاس بورشته الواقعة في كشك صغير بالمقابر، فهناك ينطق النحاس بآيات فنية لا مثيل لها، عم “محمود” الذي شارف على الستين من عمره يعمل في هذه المهنة منذ أكثر من 45 عاما، أعطاها من وقته وعقله فأعطته فنً ينطق جمالا.
يحكي “محمود عمارة” قصته فيقول “حينما كان عمري 12 عاما جذبتني هذه المهنة، وكنت أعلم أنها مهنة متوارثة من الآباء لأبنائهم، والغريب لا أتعلم فيها شيئا، ومع ذلك أحببتها وتوجهت إلى المعلم “هلال” أحد شيوخ المهنة فلم يبخل علىّ بعلمه، ولما وجد مني استجابة للتعلم منحني كل أسرارها، وعملت فيها كفنان أخلق من النحاس الأصم تحفاً فنية، ومع إني لم أحصل على شهادات إلا إني تعلمت جميع أنواع الخطوط العربية (الكوفي، النسخ، الرقعة، الديواني بكل أنواعها) كما أتقنت الحفر على الرخام والجرانيت أيضا.
وهناك الكثير من الصناعات اليدوية التي تملئ منطقة وسط القاهرة وخاصة (الحسين والمعز) ومنها “الخيامية”.
“الخيامية”.. فن يتحدى الزمن:
سيمفونية من الألوان تعزفها أنامل الإنسان المصري على قطعة من القماش، يدخل فيها الخيوط والمناظر المعبرة، لتصنع لوحة فنية من طراز فريد، فيعتبر ذلك فن “الخيامية” وهذا الفن الأصيل الذي عرفه الإنسان منذ قديم الزمن وبرع وانفرد فيه في العصر المملوكي وظل حتى الآن يجاهد ليستمر رغم كل المتغيرات الحديثة التي ألقت بظلالها على الشارع المصري، وظلت كل هذه المهن تتطور وتتنوع داخل جميع محافظات مصر، حتى وصلت إلى صناعة ما يسمى بـ”الطفاية” التي صنعها مواطن مصري صعيدي ومجموعة معه ليساعدوه.
الطفاية دي.. الطفاية دي:
“أيوب القاضي” شاب مصري مقيم بقرية نجع حمادي في صعيد مصر، صاحب تريند “الطفاية دي” يقول إنه يرسم وينحت منذ طفولته، وعندما ظهر موضوع “نيش العروسة” في الزواج، وجد أن مصر تستورد طفايات وتحف تستخدم لتزيين النيش بالمليارات من الخارج، فقرر أن يقوم بتصميمها بنفسه وبيعها بسعر أرخص.
وأضاف الفيديو الذي اشتهر على مواقع التواصل الاجتماعي أن يلتقي بالرئيس “السيسي” وتفاجأ باتصال من وزيرة التجارة والصناعة الدكتورة “نيفين جامع” تؤكد له دعمه ماديا ومعنويا وفنيا، وحصل على قرض وقام بتزويد مشروعه وضم 3 صنايعية للعمل معه ومع أشقائه، واستمر للعمل في هذه الصناعة حتى هذه اللحظة، ليستفيد من هذه الصناعة بتوفير المال لنفسه وللعمال الموجودين داخل الورشة ومن جانب آخر توفير مليارات للدولة كانت تستورد بها هذه التحف والطفايات من الخارج.
اقرأ أيضًا: “تدخل الأهل والجهل”.. إليك أبرز أسباب ارتفاع نسب الطلاق في مصر