كاتب ومقال

دار في خاطري| ما بين الحرية والطاعة

بقلم: ريم السباعي

ريم السباعي

هل أنت حر؟ وما هو مفهوم الحرية بالنسبة لك؟ وهل للحرية قيود؟ أم هي كالفضاء الفسيح الذي لا حدود له ولا قيود؟ اتعتقد بأن الطاعة قيد للحرية؟ أهي إحدى شروط العبودية؟
إن الحرية هي حق من أهم حقوق الإنسان، فلقد خلقنا الله أحرارا، وهي متعددة الأنواع والأشكال، ومنها الحرية الفردية، وهي أن يستطيع الإنسان اتخاذ قراراته دون إجبار، واختيار المرء لمأكله، وملبسه، ومسكنه، وعمله، فيكون له الحرية التامة في الاختيار.

وهناك أيضا الحرية الجماعية، وهي التي يتمتع بها مجموعة من البشر، فيحيوا أحرارا في أوطانهم دون تدخل من أحد في حياتهم، أي دون احتلال أو استعمار، إن الحرية والمسئولية وجهان لعملة واحدة، فعندما تصبح إنسانا حرا فهذا يعني أنك مسئول، وتكون أولى مسئولياتك هي ألا تجعل حريتك تتعدى على حريات الأخرين.

فعندما تقرر أن ترفع من صوت تلفازك فأنت حر في ذلك، ولكن حين يتسبب هذا الأمر في إزعاج جارك، فهنا أنت مسئول عن عدم إزعاجه، فلا يحق لك رفع الصوت إلى  الدرجة القصوى، أو حين تقرر هدم البناء الخاص بك فأنت حر، مسئول عن توفير سكن لمن يقيمون به، وحين تختار دراستك فأنت وحدك المسئول عن نجاحك أو فشلك، وحين تختار عملك فأنت المسئول عن نتائج ذلك العمل إيجابية كانت أم سلبية.

أما بالنسبة للطاعة فهي واجبة، وهي لا تقيد حريتك، بل هي جزء منها لأنها جزء من تلك المسئولية التي هي وجه الحرية الآخر، فحين يطلب منك جارك خفض صوت تلفازك فعليك بالطاعة، فإن مسئوليك ألا تزعجه.

ولكن هل كل طاعة واجبة؟ أقول لا! فليست كل طاعة جزء من مسئولياتك، فهناك الطاعة العمياء التي هي الدليل على العبودية، وهي أنك تنفذ كل أمر يسند إليك دون تردد أو تفكير في عواقب ذلك الأمر، فهنا تكون فقدت حريتك، لأن عقلك مقيد لا يستطيع التفكير، أو اتخاذ القرارات، أو الأبسط من ذلك وهو رفض تنفيذ تلك الأوامر.

إذن فالطاعة لابد لها من حدود وشرط حتى لا تفقد من خلالها حريتك، كما أن للحرية أيضا حدود وهي ألا تتعدى على حريات الآخرين، فإن الكون كله له حدود حتى لا يتحول الى فوضى، فلبيتك حدود، ولدولتك حدود، وتنتهي حريتك عند تلك الحدود.

ولقد اهتم الإسلام بالحرية، فهو أول من نادى بتحرير العبيد، وحقق المساواة بين السيد والمسود، وأعطى للمرأة حريتها التي إذا نظر الكون أجمع إليها بإمعان لما ضاع حق إمرأة، ولما نادت بحريات زائفة تطالب بها ولا تمارسها، كما أن الإسلام احترم حرية الديانات الأخرى، فلكل إنسان حق في ممارسة شعائر دينه في حرية تامة.

كما أن الإسلام حث على الطاعة فذلك يعني أنها لا تلغي الحرية قال الله تعالى في سورة النساء: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ ” وقوله تعالى أيضا في سورة آل عمران: وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ” وغيرها من الآيات الدالة على الطاعة.

وهنا ألفت النظر إلى أمر هام وهو أن طاعة الله لابد أن تكون بتنفيذ كل أوامره، والنهي عن كل ما نهى عنه، وهذا يعني الطاعة التامة وذلك على الرغم من حرص الإسلام على حرية الفرد والمجتمع، ولكنى ذكرت أن الطاعة التامة تعني العبودية، أجل! ولكن ألسنا جميعنا عباد الله؟!

اقرأ أيضًا: دار في خاطري| هل كل خائف جبان؟

نبذة عن الكاتبة:

ريم السباعي

أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا

حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005

صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب

صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها

للتواصل:

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى