كاتب ومقال

دار في خاطري| ثق بطفلك

بقلم: ريم السباعي

هل تتذكر أيام طفولتك؟ ما هي أجمل ذكرياتك في تلك الأيام؟ هل تتذكر أحلامك وقتئذ؟ هل حققت منها شيئا؟ هل تتذكر ألعابك؟ ماذا وبماذا كنت تلعب؟ هل ابتكرت ألعابا؟ هل تتذكر ماذا كنت تقرأ؟ هل تتذكر تلك القصص؟ هل أثرت بك وتأثرت بها؟ هل تعرضت إلى قمع لأحلامك وافكارك الطفولية؟ ماذا تفعل اليوم حيال أطفالك؟ هل كل ما فعل معك في الماضي تفعله أنت اليوم مع طفلك؟ هل طفلك حر أم مقيد؟ هل تثق بطفلك؟!

“إنه طفل لا يعرف شيئا” طالما تتكرر تلك العبارة على مر السنين نسمعها ونرددها ونحن على يقين بأنها الحقيقة التي لا شك فيها، ولكن هذه العبارة ليست صحيحة، فالطفل يدرك جيدا ما يدور من حوله، ولديه شغف كبير للمعرفة والتعلم، ولديه فضول لمعرفة خبايا الأشياء، فإن الطفل كثير التساؤلات، دائم العبث في ما يعنيه وما لا يعنيه، وذلك لكي يكتشف عالمه الذي يحيا بداخله، لكي يشبع شغفه في المعرفة والاستكشاف.

إذن عندما تجد طفلك يحطم لعبته فإن ذلك الفعل لدى الطفل السوي ما هو إلا لمعرفة ما بداخلها أو ليعلم كيف تعمل، ليس لدافع لديه يسوقه إلى الفساد والتدمير، وعندما تسمع من طفلك الكثير من الأسئلة حول شيء ما فإن تلك الأسئلة تدور بذهنه كدافع طبيعي للمعرفة، وليس لأنه لحوح كثير الكلام، وليس لأن لديه تأخر عقلي قليل الذكاء والفهم،

فلابد أن تجيب طفلك على جميع أسئلته دون ضجر، وألا تستهين بأي سؤال يسأله مهما كان بسيطا أو يبدو أنه واضح، وألا تحكم عليه بقلة الذكاء ذلك الحكم القاسي الذي حكم على “أديسون” فأخرجه من المدرسة، إن العالم الأمريكي “توماس أديسون” الذي سجل براءة إختراع لما يزيد عن ألف إختراع فقد إتهمه أساتذته بالتأخر العقلي والغباء، وذلك لكثرة أسئلته، وبالفعل تم فصله من المدرسة.

وهنا يأتي دور والدة “توماس” الذكية التي تدرك تمام الإدراك بقدرات ابنها وتثق بها، فقد أخبرت “توماس” بأنه تم فصله من المدرسة بسبب ذكائه الشديد فلم تعد المدرسة مناسبة لقدراته العقلية الكبيرة، ومن ثم شجاعته على القراءة وتعليم نفسه بنفسه بالبيت، حتى أن والده سمح له بعمل مختبر لتنفيذ تجاربه، فماذا كانت ردة فعل والدي “توماس” بعد نشوب حريق بالبيت إثر إنفجار حدث بالخطأ في مختبره؟! أو ماذا تفعل إذا كنت مكان والديه؟!.

اعتقد أن ردة الفعل السريعة من الآباء حيال موقف كهذا هو إغلاق المختبر بشكل نهائي، ومنع الابن من التجارب أو حتى مجرد التفكير بها، وذلك بعدما يمطراه بوابل من اللوم والتوبيخ والتهديد والوعيد، ولكن ما حدث مع “توماس” كان على العكس تماما فلم ينهاه والداه عن العمل بالمختبر بعد إصلاح ما يلزم ولم يكفا يوما عن تشجيعه، ليصبح فيما بعد العالم “توماس أديسون”.

أجل! إن ثقتك بطفلك تجعله رجلا مسئولا، تخلق بداخله المثابرة من أجل تحقيق الأحلام، فإن ثقتك به تدفعه دائما إلى الأمام فهو بالتأكيد لا يريد فقدان هذه الثقة، فهذه الثقة هي التي حولت ” أديسون” من الطفل البليد إلى العالم المخترع.

أجل! إن للآباء والأمهات دور فعال في مصير الأبناء، فإن معرفتك بموهبة ابنك وميوله، وقدراته، وما يحب وما يكره يجعلك توجهه إلى الطريق الصحيح إلى المستقبل الذي ينتظره، توجهه إلى علم وعمل يناسب طبيعته التي خلقه الله عليها، توجهه إلى ما يحب وليس ما تحبه انت، أضف إلى ذلك ثقتك به وتشجيعه واهتمامك بما يفعل مهما كان بسيطا وتقديرك بجهده، فذلك يجعله شخصا متميزا، ويجعلك تفتخر به.

ولكن عليك بأن توسع دائرة تقبلك للأمور فليس ما تحبه وتبتغيه فقط هو المهم وبقية الأمور تافهة لا قيمة لها، بل أدرك بأن كل علم وكل عمل في هذا الكون مهم وقد خلق الله له من يتعلمه ويعمله حتى وإن لم يكن يروق لك.

اقرأ أيضًا: دار في خاطري| ظالم ومظلوم

نبذة عن الكاتبة:

ريم السباعي

أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا

حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005

صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب

صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها

للتواصل:

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى