كاتب ومقال

كبسولة عم فؤاد| أزمة كتاب

الجريمة الإلكترونية ودورها في أزمة الكتاب في الواقع المصري

مما لا شك فيه أن الجريمة الإلكترونية أو القرصنة وما يحدث في الوسط الثقافي المصري من تعد واضح على الملكيات الفكرية لدور النشر والكاتب يؤدي إلى تعاظم في الانهيار الذي تتعرض له المنتجات الأدبية.

فلنتعرف أولا ما هي الجريمة الإلكترونية التي تختص بمجال الكتابة وما دورها في الأزمة الحالية في سوق الأدب؟..

باختصار في ظل الثورة الرقمية التي يشهدها العالم في هذا القرن، تحول الكتاب من شكله الورقي إلى شكله الإلكتروني، وانتشر انتشاراً واسعاً بين القراء والكتاب، وخاصة مع ابتكار شاشات لهذه الكتب تُضاهي الصفحات الورقية للكتب التقليدية، فصار بالإمكان قراءة محتويات الكتاب على أجهزة الحاسب المكتبية، والمحمولة مثل( الآي باد) و(التابلت ) وغيرهما.

والجدير بالذكر أن انتشار هذه الأجهزة اللوحية سبب ثورة كبيرة في عالم الكتب الإلكترونية حيث يمكن للقارئ التجول في عشرات المواقع العربية وتحميل الكتب مجاناً بتقنية PDF، دون أي اعتبار للحقوق أو جهد المؤلف الذي سهر الليالي حتى يظهر منتجه للقراء، أو حتى دور النشر التي تنتظر أن تحقق أرباحا نظير إخراج العمل الأدبي.

وهذا ما يحدث في ظل الوضع الراهن وما يسمى بالقرصنة الإلكترونية ومن أكبر الأمثلة على الجرائم الإلكترونية ما يحدث في مواقع التواصل الاجتماعي، فالمجموعات على الإنترنت تقتات على السرقة الإلكترونية، ويوجد فعلا (سين) من المجموعات والذي يتعدى أعضائه مئات الآلاف يتيح لهم تحميل الكتب الإلكترونية مهما كان تاريخ صدورها فيكون العمل الأدبي لم يرى النور إلا من بضع أسابيع وأحيانا أيام.. فيقوم أحد المسئولين عن المجموعة بوضعه كرابط إلكتروني هناك، وطريقة إخراجه إلكترونيا صعبة للغاية فهو يقوم بوضع الكتاب ورقة ورقة على الماسح الضوئي سكانر ثم يقوم بتجميعه وضمه فى نسخة إلكترونية.. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن ما هي الفائدة المرجوة التي قد تعود جراء وضع هذا الرابط على المجموعة ؟!.

هل يعمل على تنمية الوعي الثقافي للشباب مجانا إلى هذه الدرجة؟ وإن كان ذلك فلما لا ينشر أمهات الكتب والتي يعزف الكثير عن قراءتها ويقوم بنشر ما هو ذو شعبية واسعة أو مردود عال أو حديث؟.

وهذا ما كنت اسأله لنفسي كثيرا إلى أن شرح لي الأمر أحدهم هو أن المجموعة ذاتها تستفيد ماديا من تلك القرصنة، فيقوم أحدهم بفتح حساب بنكي على الإنترنت و مقابل الإعلانات لهذا الموقع ومقابل كل ألف تحميل من الموقع يتم وضع دولار في حسابه الشخصي، بمعنى أن مجموعة عدد أعضائها مليون مثلا، تقوم كل ساعة بوضع رابط جديد ويتم تحميله ما لا يقل عن الألف مرة يوميا تكون المحصلة مبالغ في هذا الحساب.

لا شيء مجاني يا صديقي في تلك السرقة وما يقدمونه ليس تشجيعا للشباب على القراءة بل هو ذو مسمى واضح سرقة و لصوصية، ولكن ألا يعتبر ذلك انتهاك واضح للملكية الفكرية للكاتب ودور النشر؟

إن الكتاب الذي بين يديك ما هو إلا منظومة عمل كاملة، لكل من الكاتب الذي يقوم بإرسال العمل إلى دار النشر، وبعده يبدأ عمل المصحح والمراجع والمدقق والمصمم والمطبعة لإخراج العمل الأدبي ثم تسويقه على المكتبات وانتظار الربح المعقول، ولكن إذا تم الاستيلاء رغما عن كل هؤلاء، ألا تعد تلك سرقة واضحة رغم التبرير بارتفاع أسعار الكتب.

منذ عدة سنوات خلت ناقشت أحد المسئولين عن هذا الوضع في أحد المجموعات الشهيرة، وتوصلنا إلى حل يقضي بعدم نشر أي كتاب لم يمض على إنتاجه العامين ولكن ما حدث أنه قد تم تحميل روابط لأحدث الكتب بعد عدة أسابيع فقط، للأسف لم تزل القوانين تقف مكتوفة الأيدي ولا يمكنها منع تلك المهازل من الحدوث.

وبالتأكيد أن غياب تلك القوانين أدى إلى عزوف الكثيرين عن نشر الأعمال المستحقة ويمكن التغلب على هذه المشكلة بنشر الوعي بحقوق الملكية الفكرية عبر وسائل الإعلام، وتفعيل مواد القانون التي تجرم السطو على إبداعات الغير وهذا ما أتمنى حدوثه للحد من تلك الجريمة المسكوت عنها.
وللحديث بقية

بقلم
عمرو مرزوق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى