بصراحة| 35 عاماً على رحيل ناجي العلي.. ماذا لو كان على قيد الحياة؟
“خَرَجْت علينا من طَمْي طبريا نبيًاً للثورة، ترتدي ثوب العَراءُ المِرْقَعُ بوهج الشمس، حاملاً كتاب فلسطين الخالد بيمينك، تتلو منه ما تيسر من آيات العزة والكرامة، وبيسارك تعكزت على حُلمًا عصياً على احتواء السلطة لك، محصناً ضد كل أشكال الأدلجة، مُشهرا ريشتك المدججة في مواجهة الذين رضوا أن يفاوضوا على القضية الفلسطينية أو يهادنوا عليها، ومضى وراك حنظلة ينساب كنقطة عرق من جبينك، تصليك إذا جال بخاطرك أن تجبن أو تتراجع، كان قرارك الوقوف اللا مشروط إلى جانب أبناء جلدتك مما شردتهم التّسويات الرّخيصة، لم يهادن مع من مدوا أياديهم لـ”الكيان”، مجبول بعشق من هم “تحت”، أولئك الفقراء البسطاء الذين يكونون دائما عند خط الواجب الأول، أولئك الذين يسكنون تحت سقف الفقر الواطي ولكنهم يقفون عند خط المعركة العالي، مُرَدَّدَا: “أنا ضد التسوية ولكن مع السلام. وأنا مع تحرير فلسطين وفلسطين هنا ليست الضفة الغربية أو غزة فلسطين بنظري تمتد من المحيط إلى الخليج“، عريت الحياة بكل بكل جسارة حيث لا مجال لترميم فجواتها ولا مجال لتستر عوراتها، وهمت ماضياً تمتطي صهوة ريشتك إلى الأمام نحو الثورة حتى الرمق الأخير محقق نبؤة غسان كنفاني: “ليــس المهـم أن يمـوت الإنســان، قبــل أن يحقــق فكــرته النبيلــة.. بــل المهــم أن يجــد لنفســه فكـــرة نبيلــة قبــل أن يمــوت”.
في ذكرى مرور خمسة وثلاثين عامًا على اغتيال فنان الكاريكاتور الأبرز فلسطينيًا وعربيًا، قد أجد أن الفنان الفلسطيني ناجي سليم العلي، تجاوز حدود الرائد الذي ينقل إلى أمته شتى الوسائل التي تسعفها في حركة نضالها، فإذا به يحدد ويختار منها ما يلائمها، وعبر بأمته محنة الاستسلام والاعتراف بـ”الكيان الصهيونى”، ولم يتزعزع إيمانه بأن الطريق إلى فلسطين ليست بالبعيدة ولا بالقريبة، إنها فقط مسافة الثورة.
وأخيراً، لعلَّ ما يشغل ذهني الآن، ماذا لو كان ناجي على قيد الحياة؟، ماذا كان سيكون رسمه الكاريكاتوري في ظلّ الظرف المأساوي الذي تعيشه أوطاننا الآن من سباق محموم نحو الهرولة إلى العدو، وأمام انهزام الفكر العروبي ومبادئ العمل العربي المشترك، وأمام التخلي عن الالتزام المبدئي بفلسطين كقضية لكل العرب وليست قضية الفلسطينيين وحدهم، وأمام الرؤيا المشوهة والتوصيف المضلل لدولة الكيان المحتل بنظر البعض”.