كم أحب فصل الصيف، فهو فصل النشاط والحيوية، فعلى الرغم من حرارته المرتفعة، إلا أنه الوقت المناسب للإنجازات، وكم أحب الإجازة الصيفية فهي الراحة من عناء الدراسة، وفيها يكون اللقاء بالأصدقاء وقضاء الأوقات الممتعة بصحبتهم.
ومع بداية الإجازة الصيفية ذهبت بصحبة أصدقائي الشباب إلى مرسى مطروح كما نفعل كل عام في أول الصيف، فنقضي شهرا كاملا في الشاليه الخاص بعائلتي، لكي نستريح من عناء الدراسة ونجدد نشاطنا ونلقي بالأعباء والهموم على الشاطئ لكي يحملها الموج إلى أبعد مدى، فنصبح على أتم الاستعداد لاستقبال عام دراسي جديد، وأعباء جديدة، إن الشاليه الخاص بنا يقع على البحر مباشرة والجوار حولنا خاليا من البشر، وكعادتنا كنا نقوم بصيد السمك وشوائه على الشاطئ.
وفي اليوم الأول رزقنا الله بصيد وفير، فلقد أخرج أصدقائي شباكهم مملوءة بأنواع مختلفة من الأسماك، بينما شبكتي خرجت بشيء عجيب وكأنها أتت من أسطورة قديمة أو قصة من قصص الخيال، فلم أكن أصدق ما تراه عيناي، فنظرت إلى أصدقائي فوجدت أعينهم مثبتة بشبكتي ويتعجبون، لقد حملت شبكتي جرة فخارية قديمة منقوشة برسوم غائرة جميلة.
تركنا الأسماك ونسينا أمر الغداء وحاولنا فتح الجرة ولكن محاولاتنا راحت هباء، فاشتد غيظنا وزاد تمسكنا بفتحها ورؤية ما بداخلها، ورحنا نتخيل ونحلم بمحتوياتها، فهناك من قال أن بداخلها كنز، بينما تخيل الآخر أنها تحتوي على جواهر نفيسة، وأنا تخيلت وجود أوراق نقدية، وآخر حلم بالذهب، وكلما مر علينا يوما حلقنا في الخيال وتمسكنا بالأحلام وزادت محاولاتنا لفتحها.
وفي اليوم الأخير قررت الجرة أن تبوح بسرها المكنون ففتحت وبكل سهولة لتعلو في إثرها الصيحات والتصفيق والكلام عن الأحلام التي أصبحت بين أيدينا، ومن ثم جلسنا لنرى الكنوز فما وجدنا بداخل جرة الأحلام إلا ملابس بالية وأحذية قديمة.
فلقد ضاعت إجازتنا في الركض خلف السراب، فكل ما حلمنا به تلاشى أمام الواقع الذي أصبح بين يدينا، فيا لهذا الإنسان!! يضيع ما بيده من أجل أوهام وسراب، فيفقد ما يملك من أجل أوهاما لا وجود لها، فلا يحصل عليها ولا يستطيع استعادة ما خسر.
نبذة عن الكاتبة
ريم السباعي
أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا
حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005
صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب
صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها
للتواصل: