كلام رجالة

«العملاق».. حكايات من حياة عباس محمود العقاد

عباس محمود العقاد، واحد من أصحاب الأقلام الفذة الذي يمتلك مواهب كثيرة، قلما تتوفر في شخص واحد، هو ذلك العملاق الذي تحدى كل الظروف والعقبات، فمنذ صغره يتميز بقدرته على تذليل الصعاب، فهو الذي أشاد به الشيخ محمد عبده، ومن هنا كانت البداية.

بداية الطريق

كانت حياة العقاد عجيبة، حيث نشأ في وقت الحروب وحملات الدارويش، فكانت أسوان مسقط راسة محاطة بالحروب والخطر من الخارج، لكنه في داخل بيتة يتمتع بحياة أسرية هادئة، وكان والده موظفا بسيطا يعمل في إدارة السجلات.

لذلك اكتفى العقاد بحصوله على الشهادة الابتدائية، لتواضع دخل والده المادي، ولم يمنع ذلك العقاد من تثقيف نفسه وشغفه للتعلم وحبه للقراءة فوجد في مكتبته، أكثر من ثلاثين ألف كتاب.

وقال: “من السوابق التي اغتبط بها أنني كنت فيما أرجح أول موظف مصري استقال من وظيفته”.

فقد استقال العقاد من جميع الوظائف الحكومية التي عمل بها فكان يعتبرها سجنا لأدبه وموهبته، واتجه للعمل بجريدة “الدستور” وأيضا أصدر جريدة “الضياء”، ومن هنا كانت نقطة انطلاق مواهب العقاد الفنية المتعددة، وأيضا حسه الوطني.

حيث اتجه للسياسة بدافع وطني وشارك بقوة في معترك الحياة السياسية، ودخوله في معارك مع القصر الملكي، فذاع صيته في البلاد وانتخبوه عضوا لمجلس النواب، ولم يقتصر على ذلك فكان له مواقف معادية أيضا للنازية لدرجة أنهم وضعوا اسمه بين المطلوبين للعقاب، لكن وبرغم ذلك لم ينس يوما قلبه.

وقال: “حافظ على من تحبه عاتبه إن أردته، اهتم بجميع تفاصيله، فالحب إحساس قبل أن يكون كلمات”.

“ساره” رواية كتبها العقاد والتي تنطوي على قصة حبه الواقعية التي لم يكتب لها الخروج للنور، وهي لفتاة لبنانية تدعى “أليس داغر” وكانت هي بطلة روايته الحقيقية.

والقصة الثانية: قصة الحب الصامت لصاحبتها مي زيادة، ولكن هذه القصة اقتصرت على تبادل الرسائل فقط بين الطرفين.

أما القصة الأخيرة ونجمتها هي هنومة خليل وهي بالفعل أصبحت نجمة في مجال الفن والشهرة، فأحبها العقاد برغم فارق السن الذي تعدى العشرين عاما، فكان العقاد في هذا الوقت عازفا عن الزواج إلى أن رآها ووقع في غرامها، لكنها كانت مشغولة بالتمثيل ولا تريد شئ سواه، وبالفعل أصبحت النجمة مديحة يسري وخرجت من حياتة قبل أن تدخلها، لكنه لم يستطع أن ينساها.

فحاول صديق له أن يخرجه من هذه الحالة برسم لوحة كبيرة عليها كعكة، وتحوم حولها الحشرات، فهو كان يشبه النجمة بالكعكة والحشرات هو المجال الفني الذي يتكاثر حول الفنانة، أو الكعكة.

ولم يكتف العقاد بالحشرات كأداة رمزية لنسيان حبه، لكنه كان شغوفا بالقراءة عن الحشرات، لأنه كان مؤمنا أن القراءة في شتى المجالات تعطي الإنسان الاستذادة في كل جوانب الحياة وتهبه الإبداع في جوانب الحياة المختلفة.

أهم إبداعات ومؤلفات العقاد

“إسلاميات العقاد” تعد إحدى مولفات العقاد، حيث تجاوزت مؤلفاته الأربعين كتابا، ومن أشهرها العبقريات وأيضا من أعماله كان له عشرة دواوين منها “أشباح الأصيل، وحي الأربعين” وغيرهم، كما ألف رواية سارة، سعد زغلول زعيم الثورة، كما كتب في مجال النقد واللغة بحانب ترجمته للعديد من المؤلفات العربية وغيرهم.

وفاة العقاد

توفي في 12 مارس 196‪4 عن عمر يناهز 75 عاما، تاركا خلفه إرثا أدبيا كبيرا بجانب جوائزه الشاهدة على عظمة هذا العملاق، ومنها جائزة الدولة التقديرية في الآداب، ودكتوراة فخرية من جامعة القاهرة لكنه رفضها اعتراضا منه على بعض السياسات الخاطئة من وجهة نظرة.

كما أقامت له أسوان بعد وفاته متحفا خاصا يضم مقتنياته الشخصية، وسمي أحد شوارع القاهرة باسمه، وأخيرا ترجمت قصة حياته في مسلسل العملاق.

اقرأ أيضًا: حكايات من داخل صالون العقاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى