كاتب ومقال

دار في خاطري| الوصايا الأخيرة

كتبت: ريم السباعي

أشرقت الشمس على الأرض في خير يوم طلعت عليه الشمس، إنه يوم التاسع من شهر ذي الحجة، إنه يوم عرفة، يوم من أيام الله التي منحها لعباده، فمن أدركه نال خير الجزاء.

لقد استيقظ الجد والجدة باكرا استعدادا لاستقبال الأحفاد الذين اعتادوا قضاء هذا اليوم برفقتهما كل عام، فها هو المنادي ينادي الله أكبر معلنا ميلاد خير الأيام، وها هي طرقات تطرق على باب البيت معلنة عن قدوم الأطفال.
استقبل الجد والجدة أحفادهما بحفاوة، وتبادل الجميع التهاني، ومن ثم صلوا جميعهم الفجر في جماعة حيث أمَّهم الجد في الصلاة.

وبعد الصلاة جلس الجد يتلو آيات من القرآن الكريم، والأطفال ينصتون، ومن ثم علت أصواتهم جميعا بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل، وأصبغ النهار بصبغة روحانية رائعة لا مثيل لها، ولن تتكرر إلا في مثل هذا اليوم من كل عام.

وفيما بعد اقترح الجد أن يقص على الأطفال قصة جميلة حتى آذان المغرب، فرحب الأطفال والتفوا حوله لسماع الحكاية، فقال الجد: إن حكايتي لكم اليوم قد حدثت منذ أكثر من ألف عام، فتعجب الأطفال، وازداد تشوقهم لسماعها.

قال الجد: في بقعة من بقاع الأرض طاهرة مباركة، وفي يوم من الأيام الطيبة جاء رجل على خلق عظيم ونادى في الناس على جبل مبارك وأوصاهم بوصاياه وطلب منهم أن يعوها جيدا يعلموها لأجيال تأتي من بعدهم، فتتوارثها الأجيال جيل بعد جيل، حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

فقد كانت من تلك الوصايا ألا يقتل بعضهم البعض، فقد حرم القتل بحرمة الأشهر الحرم، وكذلك السرقة والربا، وقد أوصى بالنساء خيرا، وحث على حسن معاملتهن، وأوصى بالمساواة بين البشر، فالأفضلية بينهم لا تكون إلا بالتقوى.

صمت الجد للحظة ثم قال: أتعلمون من هو هذا الرجل؟! لم يجب الأطفال ولكنه قرأ في عيونهم الإجابة التي لا ريب فيها، ولكنه لم ينتظر طويلا حتى يسمعها فقال: إنه خير خلق الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كانت تلك وصاياه الأخيرة لنا في خطبة الوداع، في حجة الوداع في مثل هذا اليوم، ثم إلى قول الله تعالى: ” ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ “.

نبذة عن الكاتبة

ريم السباعي

أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا

حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005

صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب

صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها

للتواصل:

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى