كاتب ومقال

كلمة ورد غطاها| الذكاء الاصطناعي.. إلى أين؟

مع كل تطور في أنظمة الذكاء الاصطناعي تتصاعد التقديرات عن أعداد العاملين الذين سيفقدون وظائفهم في المستقبل حين يتم استبدالهم بها، فأرباب الأعمال لا يعنيهم كثيرا أي اعتبارات إلا اعتبارات الجودة والكفاءة والدقة والسرعة والتكلفة وهي الاعتبارات التي يتم على أساسها الاستغناء عن موظف أو توظيف آخر فماذا عن تطبيق تلك الاعتبارات على أنظمة الذكاء الاصطناعي؟

لنأخذ مثالا على دخول تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في أحد الوظائف كمثال على هذا الأمر وهى وظيفة الدعم الفني من خلال الهاتف، تلك الوظيفة التي تستخدم بكثرة في التواصل مع العملاء في العديد من المجالات فالمتابع لهذه الوظيفة يجد أن خدمات الدعم الفنى والمرتبطة بتلقى شكاوى أو طلبات العملاء قد تطورت كثيرا خلال السنوات الماضية..

فالبداية كانت بتوافر خطوط تليفونية عادية يستطيع طالب الخدمة أو مقدم الشكوى من خلالها الاتصال بأحد موظفي خدمة العملاء والذي تم تدريبه جيدا على مثل هذا النوع من المكالمات ليقوم بمحاولة حل المشكلة أو تلقى الشكوى وإعادة صياغتها، حل المشكلات البسيطة هو أحد المهام الرئيسية للدعم الفنؤ، فعلى سبيل المثال في حالة وجود مشكلة في حساب بنكي أو خدمة أو منتج، يقوم الموظف باتباع عدد من الخطوات المحددة سلفا لمحاولة حل المشكلة للعميل وذلك قبل أن يطالبه بالانتقال إلى البنك أو الشركة وذلك في حالة المشكلات العويصة..

تطور الأمر بعد ذلك فأصبح المتصل يدخل في عدد من القوائم الجاهزة من خلال الضغط على الرقم المقابل لكل قائمة فيما يعرف بنظام ال Interactive Voice Recognition أو اختصارا IVR، حيث يتم التعامل بصورة أوتوماتيكية بين العميل وبين المنظومة وفى حالة عدم قدرة النظام على الوصول إلى نتيجة مرضية يمكن للعميل طلب التحدث إلى أحد موظفي خدمة العملاء..

هذا التطور أدى إلى تقلص عدد موظفي خدمة العملاء من البشر كثيرا وهنا تشير الدراسات أن نسبة المشكلات التي يمكن أن يتم حلها باستخدام هذا النظام تتراوح بين 60% إلى 80% في حالة المشكلات البسيطة ونسبة 20% إلى 40% في حالة المشكلات المعقدة..

أما اليوم فأنه وبعد دخول أنظمة الذكاء الاصطناعي على الخط فإن الأمر قد اختلف كثيرا، فبدلا من استخدام النمط القديم المعتمد على ال IVR والعنصر البشرى معا، يمكن في الكثير من الحالات -وليس كلها- الاستعاضة عن هذا بنظام للذكاء الاصطناعي يعمل بصورة أوتوماتيكية تماما ويستطيع حل الكثير من المشكلات وتلبية الكثير من الطلبات أيضا وفي هذا الصدد قامت مؤسسة جارتنر Gartner بعمل دراسة اتضح منها أن تكلفة الـAgent الواحد من أنظمة الذكاء الاصطناعي تتراوح بين ألف إلى ألف وخمسمائة دولار مع قدر بسيط من المصاريف الجارية مقارنة بحالة أن يكون الـ Agent من البشر حيث تترواح بين 20 ألف إلى 30 ألف دولار سنويا هذا بالإضافة إلى المحددات العادية المرتبطة بعمالة البشر مثل الاجازات وساعات الراحة وخلافه وهي التي لا نجدها تقريبا في حالة استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعى بدلا منه، بالطبع هذا الاستبدال لن يكون في كل الحالات فحتى الآن يفضل الكثيرون التحدث إلى إنسان وليس إلى نظام للذكاء الاصطناعي وفي نفس الوقت لن تستطيع أنظمة الذكاء الاصطناعي حل المشكلات المعقدة هذا بالإضافة إلى القصور في استخدامها في بعض اللغاء الأخرى مقارنة باللغة الإنجليزية ولكن هذا لا يجب أن يجعلنا ننظر لمستقبل تلك الصناعة كما كنا قبل طغيان وانتشار انظمة الذكاء الاصطناعى مثلما هو الحال اليوم.

المثال السابق على بساطه إلى أين يتجه مستقبل الوظائف وهذا المثال نستطيع أن نطبقه على عدد كبير من الوظائف الإدارية البسيطة كالسكرتارية او موظفي حجز الخدمات مثلا و لذلك نجد التقديرات تصل إلى عشرات الملايين حول العالم من البشر الذين من المتوقع أن يتم استبدالهم بتلك الأنظمة المتطورة.

بالطبع فإن نسب الاستبدال تختلف من دولة لأخرى بناء على درجة اعتمادها على أنظمة الذكاء الاصطناعي و تطورها في هذا المجال على المستوى التقني والتشريعي ولكنها حتى بالنسبة للمجتمعات الأقل اعتمادا على تلك التقنيات فإن نسب البطالة فيها قد ترتفع نتيجة استغناء الدول الأكثر تطورا عن أعداد كبيرة من البشر القادمين من الدول الأقل تطورا والذين كان يتم الاستعانة بهم في مثل هذا النوع من الوظائف البسيطة.

بقلم
المهندس زياد عبد التواب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى