كلمة ورد غطاها| اسمع لعلك تستفيد
في هذا العالم الصاخب شديد الاضطراب والممتلئ بالأخبار والمعلومات والبيانات التي تأتي إلينا من كل مكان وفي كل وقت بصورة غير مسبوقة في تاريخ البشر، لا تجد لها مصبا إلا في العقول والاذهان، ولا أصف الأمر بالصب اعتباطا ولكن ولأن للإنسان قدرة على الاستيعاب و التخزين هي محدودة مقارنة بهذا الكم الكبير من البيانات، فإن استمرار تدفقها يؤدي إلى فقدان القديم منها نتيجة إزاحته بالجديد المستمر في التدفق.
يصف البعض أسلوب التفاعل مع الأخبار والأحداث والبيانات في عصر المعلومات بأسلوب تناول رقائق البطاطس حيث يقوم الشخص بتجهيز عدد من الرقائق في يده ريثما ينتهي من مضغ وبلع ما يوجد بفمه وهكذا يستمر في هذه العملية حتى فراغ الكيس.
والحقيقة أن هذه العملية المستمرة تؤدي بالفرد في الكثير من الأحيان إلى أن يتحول إلى آلة لإنتاج الأخبار والمعلومات ونشرها أيضا وهو مل يحدث بصورة أوتوماتيكية ستحول إنسان هذا العصر إلى ببغاء يردد ما سمعه من قبل بدون فهم أو تحليل وهو أمر في غاية الخطورة فالأصل في الأمور هو الاستماع الجيد ثم تمرير ما نسمعه على العقل والمنطق، ومن ثم يمكن أو لا يمكن لنا أن ننتج معلومات جديدة ولذلك فإن الحكمة تقول إن الله خلقنا بأذنين اثنين وفم واحد لننصت أكثر مما نتكلم هذا مع الوضع في الاعتبار الفرق بين الاستماع والانصات ولكن للأسف فإن الٱنصات فن لا يتقنه إلا أقل القليل.
في أكتوبر من العام قبل الماضي صدر كتاب بعنوان “كيف تنصت” أو “How to Listen: Discover the Hidden Key to Better Communication” للمدرب الأسترالي أوسكار تريمبولي والذي وضع فيه مجموعة من القواعد والنصائح للإنصات الجيد منها ما يلي:
1. قوة الاستماع: يؤكد الكتاب على أهمية الاستماع كأداة قوية للتواصل الفعال، ويسلط الضوء على أن الاستماع لا يقتصر فقط على سماع الكلمات ولكن فهم المعنى الأعمق وراءها.
2. الأشرار الأربعة المستمعين: يقدم تريمبولي أربعة أشرار مستمعين يعيقون الاستماع الفعال: المستمع الدرامي، والمستمع المقاطع، والمستمع الضائع، والمستمع الذكي، ومن خلال التعرف على هؤلاء الأشرار، يمكننا تحديد نقاط ضعف الاستماع لدينا والعمل على تحسينها.
3. مستويات الاستماع الخمسة: يقدم المؤلف مفهوم مستويات الاستماع الخمسة، وهي الاستماع لنفسك، والاستماع للمحتوى، والاستماع للسياق، والاستماع لما لم يقال، والاستماع للمعنى، يعتمد كل مستوى على المستوى السابق، مما يسمح لنا بأن نصبح مستمعين أكثر انتباهاً وتفاعلاً.
4. قوة الصمت: يؤكد تريمبولي على أهمية الصمت في الإصغاء، ويوضح أن الصمت يسمح بالتفكير والفهم وإتاحة الفرصة للمتحدث للتعبير عن نفسه بشكل كامل. من خلال اعتناق الصمت، يمكننا إنشاء مساحة آمنة للتواصل المفتوح.
5. الاستماع بتعاطف: يشجعنا الكتاب على الاستماع بتعاطف، ووضع أنفسنا مكان المتحدثين والسعي لفهم وجهة نظرهم، إنه يعلمنا أن نتوقف عن إصدار الأحكام وأن نكون حاضرين بشكل كامل في المحادثة، مما يعزز الروابط والثقة الأعمق.
6. دور الفضول: يسلط تريمبولي الضوء على دور الفضول في الاستماع الفعال، من خلال كوننا فضوليين حقًا بشأن أفكار المتحدث ومشاعره وتجاربه، يمكننا طرح أسئلة ذات معنى والتعمق في المحادثة، مما يؤدي إلى تبادل أكثر إثراءً.
7. أهمية الممارسة: يؤكد الكتاب على أن الاستماع مهارة يمكن تنميتها من خلال الممارسة، ويقدم تمارين وتقنيات عملية لتحسين قدرات الاستماع، مثل الاستماع النشط، وإعادة الصياغة، والتأمل، من خلال ممارسة هذه التقنيات باستمرار، يمكننا أن نصبح مستمعين أفضل.
8. الاستماع في القيادة: يستكشف تريمبولي تأثير الاستماع على القيادة، ويشرح كيف أن القادة الذين يمنحون الأولوية للاستماع يخلقون ثقافة الثقة والتعاون والابتكار، ومن خلال الاستماع بفعالية إلى فرقهم، يستطيع القادة فهم احتياجاتهم واهتماماتهم وتطلعاتهم، مما يؤدي إلى اتخاذ قرارات أكثر فعالية وتحقيق النجاح الشامل.