كلمة ورد غطاها| قائمة الادعاء
ليس المقصود هنا “الادعاء” بالمعنى القانوني والذي يعني توجيه طلب ضد الخصم أما القضاء ولكن الادعاء المقصود هنا الزعم والافتخار بما ليس حقيقي فعندما نشير إلى أن شخصا ما كثير الادعاء، فهذا معناه أن هذا الشخص يدعى أمر أو أمور خلاف الحقيقة.
قائمة الادعاء المقصودة هنا تشمل الكثير من الأشخاص الذين نتعرض لما يقولون ويخبرون به من معلومات وأخبار والمنتشرين على شبكة الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعى، أو في وسائل الإعلام التقليدية من صحافة وإذاعة وتليفزيون أيضا.
بمنتهى البساطة يمكن لأي شخص متخصص في أمر ما أن يكتشف الادعياء الذين يتحدثون في مجال تخصصه وينتشرون كالنار في الهشيم فبعضهم يتميز بالقدرة على الإلقاء وعذوبة الحديث، أو سلاسة الكتابة بأسلوب شيق ولكن للأسف قد تحتوي تلك الأساليب على معلومات خاطئة أو منقوصة وللأسف الشديد فإن هؤلاء الناس ولسبب أو لآخر يتم استضافة بعضهم في الكثير من وسائل الإعلام فيتحدثون كثيرا معتمدين على مهارات التواصل التي يتمتعون بها وكذا أيضا الشكل العام من ديكور وإضاءة وزوايا تصوير وخلافه.
وللتدليل على هذا الأمر فإن الدراسات المتخصصة وخاصة تلك الدراسة القديمة التي قام بها الدكتور البرت محرابيان أستاذ علم النفس الأمريكي من أصول إيرانية والتي يشير فيها إلى بلاغة وتأثير الرسائل الكلامية وغير الكلامية Verbal Vs. Non Verbal Communication التي تتم خلال عمليات الاتصال والتي توصل فيها إلى أن ما يصل للمتلقي من رسائل المرسل أو المتحدث يعتمد على ما يستعمله من كلمات بنسبة 75 فقط وأن تاثير نبرة الصوت يصل إلى 38% وأن 55% من الرسالة تنتقل من خلال لغة الجسد.
هل تبدوا الدراسة السابقة صادمة؟، تستطيع عزيزي القارئ أن تجرب بنفسك جرب أن تستمع إلى حوار تليفزيون وأنت مغمض العينان، هنا تستطيع أن تعيد توزيع ال 55% المرتبطة بلغة الجسد على كلا من الكلمات ونبرة الصوت، ثم افتح عينيك وأعد مشاهدة الحوار مرة أخرى، ستتبين كم الأخطاء التي تغاضيت عنها أثناء المشاهدة مقارنة بالحالة الأولى وأنت مغمض العينان ولهذه الأسباب فإن تجهيز ديكور الاستوديو وشكل المذيع أو مقدمة البرامج وكذا أيضا وضعية جلوس الضيف وملامحه وثيابه يشكلان عاملا كبيرا في تمرير ما يقول.
منذ عدة أيام شاهدت لقاء قديم استضافت فيه المذيعة الراحلة أماني ناشد الأستاذ عباس محمود العقاد في منزله، ذلك اللقاء الذي سجل قبل وفاته بوقت قصير ويظهر فيه يرتدى روب منزلي وخلفه جزء من مكتبته الكبير، هذا اللقاء كان سيكون أكثر تأثيرا أن كان الأستاذ قد ارتدى بدلة كاملة ولنتصور أن اللقاء كان بدون تلك الخلفية، حتما سيكون تأثير ووقع اللقاء أقل مما ظهر به..
وبنفس الأسلوب تستطيع أن تأتي بشخص غير مثقف على الاطلاق ولكن يمتلك صوتا رخيما أو قويا وتجلسه بحيث يرتدى بدلة كامل وخلفه مكتبه ويتحدث في أى موضوع بلا أى معلومات تقريبا وسيمر اللقاء وفي تقديرى فإن الكثير من الادعياء يعتمدون على إحصائية دكتور محرابيان أكثر بكثير من اعتمادهم على العلم والمعرفة، فكما قال بشار بن برد “يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة والأذن تعشق قبل العين أحيانا”.
وللحديث بقية