“حكمت أبو زيد” .. جرأتها أوصلتها لتصبح أول سيدة مصرية تتقلد منصب وزاري
أسماء هنداوي:
دائمًا ما كان للمرأة دورًا مهمًا في مختلف مجالات الحياة وأثبتت أهمية وجودها في المجتمع عن طريق المساهمات المختلفة لها والمناصب التي تقلدتها.
متحديًا عادات وتقاليد الصعيد في ذلك الوقت من تحريم الفتيات من التعليم، صمم والدها على تعليمها وواجه جميع الاعتراضات، وغرس بداخلها الشجاعة والجرأة تلك الصفات التي كانت السبب في وصولها لتتقلد منصب وزاري وتصبح وقتها أول إمرأة مصرية تصبح وزيرة.. إنها الدكتورة حكمت أبو زيد، أول وزيرة مصرية.
شجاعة وطموح
ولدت حكمت عام 1916 في قرية الشيخ داود بالقوصية محافظة أسيوط، وكانت ثالث أشقائها وعاشت طفولتها على عكس باقي الأطفال فلم تهتم بالألعاب ولكن قضت طفولتها في قراءة الكتب وتبحث عن المزيد من المعلومات، ودرست الابتدائية والإعدادية في الصعيد، ثم سافرت إلى القاهرة لتلتحق بمدرسة داخلية ثانوية لتكمل مسيرتها التعليمية، وأثناء ذلك وبسبب تفوقها وتميزها التحقت بجمعية “بنات الأشراف” وتزعمت ثورة الطالبات داخل المدرسة ضد الإنجليز ليتم فصلها من المدرسة، وذهبت إلى الإسكندرية لاستكمال دراستها بمدرسة الأميرة فايزة.
وبعد حصولها على الثانوية سعت لتطوير ذاتها وطمحت في التقدم أكثر، فالتحقت بقسم التاريخ بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول وهي جامعة القاهرة حاليًا عام 1940، وتنبأ لها الدكتور طه حسين بأنها سيكون لها مكانة رفيعة في المستقبل بعد ملاحظته قدرتها العالية في المناقشة الواعية والثقافة، وبعد تخرجها لم تكتفِ بذلك بل حصلت على الماجستير من جامعة سانت آندروز باسكتلندا عام 1950، وبعدها بـ 5 سنوات حصلت على الدكتوراه في علم النفس من جامعة لندن بإنجلترا.
أول وزيرة
بعد عودتها لمصر بدأت في العمل بكلية البنات جامعة عين شمس، وعند حدوث العدوان الثلاثي على مصر سافرت إلى بور سعيد وانضمت للمقاومة الشعبية وتدربت على حمل السلاح، كما أنها شاركت في عمليات القتال وأيضًا في الإسعافات الأولية ليصفها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بأنها قلب الثورة الرحيم، الذي كان بداية علاقتها به خلاف حول بعض المفاهيم في الميثاق الوطني وواجهته بجرأة وقوة جعلته يحتفظ باسمها، ليتم بعد ذلك اختيار د. حكمت أبو زيد لتولى منصب وزيرة الشئون الاجتماعية مثلما توقع لها الدكتور طه حسين، لتصبح بذلك أول سيدة مصرية تتولى منصب وزير وثاني سيدة في العالم العربي.
إنجازات داعمة
في خلال تلك الفترة قدمت د. حكمت العديد من الإنجازات في مجالات المجتمع والأسرة، كما أنها أنشات فروع للوزارة في جميع القرى بالجمهورية لتساعدهم، ودعمت المرأة دائمًا فلقد أسست مشروعات كثيرة من ضمنها مشروع الرائدات الريفيات ومشروع الأسر المنتجة ومشروع النهوض بالمرأة الريفية، كما أنها قامت بحصر الجمعيات الأهلية حتى تتوسع في أنشطتها وتزيد من خدماتها التنموية، وساهمت في وضع قانون 64 أول قانون عمل الجمعيات الأهلية، بالإضافة إلى أشرافها على مشروع تهجير النوبيين.
ونتيجة إساهماتها وإنجازتها حصلت على نوط الفاتح العظيم من الدرجة الأولى الذي منحه لها معمر القذافي، كما منحها الملك الحسن الراحل ملك المغرب سيفه الذهبي النادر بالرغم من أنه لم يكن يمتلك سواه، وبعد سنوات كثيرة من النضال والكفاح توفيت د. حكمت عام 2011 نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية.