كاتب ومقال

كلمة ورد غطاها| كارتر خيرك

منذ عدة أيام، توفي الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر عن عمر 100 عام، ولنكون أكثر دقة، فإنه توفي عن عمر مئة عام وثلاثة أشهر. وبالرغم من شخصية الرئيس ونمط إدارته خلال فترة رئاسته أو نمط حياته بصورة عامة، فهذا ليس موضوع المقال، ولكن موضوعه هو الوصول إلى سنة المئة عام، أي قرن كامل من الزمان.

فعندما كنا صغارًا، عرفنا ما معنى عيد الميلاد وما يجب أن يقال فيه، حيث تعلمنا جميعًا العبارة الشهيرة “عقبال 100 سنة” على اعتبار أننا كنا ما نزال في بداية الرحلة، وهي أمنية كنا نتمنى تحقيقها بالفعل، ولم نتوقف عندها كثيرًا. ولكن بعد عدة أعوام، خرجت صيغ أخرى خرافية للتهنئة منها “عقبال ألف سنة” أو “عقبال مليون سنة”، حيث يكون كلا من المهنئ وصاحب عيد الميلاد في حالة إنكار أو عدم وعي تام بما يقال كتهنئة. فمن المستحيل على بشر أن يعيش كل تلك السنوات، ولكنها دائمًا صيغ المبالغة التي نشتهر بها في منطقتنا العربية، تمامًا مثلما يوجه المذيع الكروي سؤالًا لأحد المتفرجين قبيل بدء أي مباراة ليعرف أمنيته عن النتيجة، فيجيب بابتسامة بلهاء “إن شاء الله نكسب 10/صفر”.

في نفس الوقت، قد يتوجه نفس المذيع لشخص آخر ويسأله عن توقعاته لنتيجة المباراة، فيجيب قائلاً “أتمنى نكسب 1/صفر”، وهو نفس الفارق بين من يتمنى الحياة مئة عام أو ألف عام مقابل من يتمنى أن يعيش فترة معقولة في صحة وسترة وإنجاز. نفس الحرج قد يحدث عندما تقوم بتهنئة شخص مسن، فتنظر إلى قسمات وجهه وتتذكر سنة ميلاده، وتقوم بطرح عمره من المئة عام. فإذا شعرت أن المتبقي يقل عن 20 أو 30 عامًا، فإنك تلجأ إلى رقم الألف أو المليون أو تتخلى عن الأرقام تمامًا وتبدأ في أمنيات مثل “كل سنة وأنت معانا” أو “كل سنة وأنت بصحة وسعادة” أو “كل عام وأنتم إلى الله أقرب”… الخ.

وفي جميع الأحوال، ولأن التاريخ يعيد نفسه بطريقة رتيبة ومملة، فأنا أعتقد أن العيش طويلاً لن يضيف جديدًا، فدورات الحياة متكررة على كافة الأصعدة، ويكون الأمر مملًا أن تبدأ في الدوران مرة ومرات وأنت تعرف نهاية الأمر وأنه ما إن يلبث أن ينتهي حتى تبدأ دورة جديدة قد تصل إلى نهايتها أو تصعد إلى السماء.

ولذلك، فإن الدعابة بالألفاظ التي استعملناها كثيرًا في فترات المرح قد تعود مرة أخرى، وحين يقوم أحدهم بتهنئتك بعيد ميلادك القادم، قد تنظر إليه بسخرية قائلًا: “كارتر خيرك”.

بقلم
المهندس زياد عبد التواب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى