الفهلوي يكسب؟!

تبدو كلمة “الفهلوة” كلمة سحرية ونحن نستخدمها باستحسان وإيجابية في مواقف عديدة وقد نصفق للشخص الفهلوي الذي يحقق النجاح الذي نراه أمامنا متجسدا ونحسده على ذلك.
ما هو يا ترى معنى كلمة “الفهلوة”؟ والتي تعتبر سرا مصريا أصيلا تم تكوينه على مدار عقود من السنوات من الفعل ورد الفعل والابتكار والهزيمة والانتصار والحلول، وقد تجد صعوبة في ترجمتها للغات الأجنبية لأنها أصيلة للغاية.
“الفهلوة” مزيج من الذكاء والسياسة وحسن التدبير السريع رغم عدم وجود الخبرة الكافية، وهي في نفس الوقت تعني الحصول على مكاسب محترمة بضربة واحدة في منتهى الدهاء.
معاني جميلة تجعلك تتمنى لو كنت “فهلويا”، ولم لا طالما ستتوفر لك الفرصة للنجاح والقدرة وربما الفلوس..لكن دعني أحمل لك أخبارا سيئة.
في هذا العالم الجديد ليس “للفهلوة” فائدة كبيرة، هل تفكر مثلا في استخدام “الفهلوة” في الحصول على ترقي في وظيفتك فتتقرب من المدير أو تقدم له الهدايا أو تستمر في إبداء اعجابك البائس به أو تتطوع لحمل حقيبته؟
هذه الأفكار القديمة انتهت، فالعالم حاليا يعترف بالكفاءة والقدرة على العمل بذكاء وهناك مسار للتطور الوظيفي يرتبط بتطوير الموظف لنفسه ولتعزيز مهاراته خارج تماما عن كل تلك الألاعيب.
كلمات ونظريات جديدة معترف بها أصبح العالم يستخدمها بينما الفهلوي يصر أنه لا يحتاج لهذا الهراء العلمي المعترف به عالميا.
هل تفكر في “ضرب” سيرة ذاتية محترمة مليئة بالأكاذيب وعن طريق حديثك الساحر الشقي تقنعهم أثناء مقابلة العمل بمدى استحقاقك للوظيفة؟
عفوا العالم أصبح شفافا لدرجة لا نهائية فكل أكاذيب السيرة الذاتية ستنفضح بضغطة زر على جهاز كومبيوتر، وحتى حديثك الساحر مكشوف ومتوقع وبصراحة أصبح سخيفا.
تشير الدراسات إلى أن نسبة السير الذاتية التي تحتوي على معلومات غير دقيقة أو مضللة عالميا تتراوح بين 10% إلى 30%، ووجدت دراسة أجرتها جمعية الإدارة الأمريكية أن 13% من المتقدمين للوظائف قدموا معلومات غير صحيحة في سيرهم الذاتية. كما أشارت دراسة أخرى من قبل شركة التوظيف “هاير رايت” إلى أن 23% من السير الذاتية تحتوي على معلومات غير دقيقة.
لاحظ أن نسبة من يفعلون ذلك قليلة وليست كثيرة، صدقني لم يعد أحد يستخدم هذا الهراء.
في ماذا تفكر؟ أن تستخدم ذكائك الذي تعتقد أنه فريد من نوعه لتحقيق النجاح؟
رغم أنه لا يوجد ذكاء فريد من نوعه، لكنني أشجعك بالطبع أن تستخدم الذكاء، ولكن أضف اليه العلم والتعلم وبناء المهارات، لا تنتظر ضربة الحظ المجنونة وأبدأ فورا في معرفة ماذا ينقصك وكيف تحصل عليه.
لا تهن قدراتك مهما كانت قليلة وأبدأ في دعمها وصقلها وتطويرها.
“يعني اعمل ايه؟”
أولا: حدد ما الذي تملكه وهو ما نسميه الأصول assets (شهادة، مهارة معينة، علاقات جيدة، نشاط، القدرة على الحفظ، سرعة البديهة، إلخ)
ثانيا: حافظ على ما لديك وطوره وعززه بالعلم والمعرفة.
ثالثا: استخدم ما تملكه في تحقيق النجاحات الصغيرة.
رابعا: أجب على السؤال التالي، هل هذا يكفي أم أنك تحتاج مهارات جديدة؟
خامسا: ابحث عن طرق للحصول على مهارات جديدة إذا كان هناك ما تحتاجه.
سادسا: أعرف.. قد ينقصك المال الكافي لتطوير القدرات أو المهارات أو أي من هذا الإزعاج، لا مفر، ابحث عن حلول.
كما قلنا العالم أصبح شفافا بدرجة لا نهائية، كل شيء متاح على الإنترنت والكثير منه مجاني فلا تضيع وقتك وتجلس جنب الحائط وتندب حظك السيء بينما المعلومات والمعرفة متاحة طوال الطريق.
والنصيحة الأخيرة، أسد لنفسك خدمة ولا تترفق بذاتك وتعطيها الأعذار والمبررات لتهرب من المسؤولية وتنام بهدوء.. وفي النهاية إذا لم تقتنع فنام واتغطى واستخدم “فهلوتك” البائسة في الصباح.
بقلم: فيصل شمس