عرفت كوكب الشرق أم كلثوم، بطلتها الفريدة التي خلدت في قلوب عاشقيها، فلازمتها النضارة السوداء والمنديل، حتى أصبحا جزءًا من شخصيتها على المسرح، ولكن هل سألت نفسك يومًا عن السر وراء تعلقها بهما إلى هذا الحد من الاقتناء؟
في هذا المقال تجيبك منصة «كلمتنا» بما لا تعرفه عن الست “أم كلثوم“.
منديل ونظارة أم كلثوم
في خمسينات القرن الماضي، شخصت أم كلثوم إصابتها بمرض فرط نشاط الغدة الدرقية أو ما يسمى بمرض غريفر، حيث يتم إفراز كمية كبيرة من هرمون الغدة الدرقية، الأمر الذي يؤدي إلى تضخمها، ومن الأعراض الشهيرة لذلك المرض هي جحوظ العينين، الأمر الذي دعى أم كلثوم إلى ارتداء النظارة السوداء في أغلب حفلاتها.
بالإضافة إلى تشوش الرؤية والحساسية العالية للضوء الساطع وألم شديد في مقلة العين، فرغم تلك الأعراض الخطيرة إلا أنها كانت تتناسى آلامها حين تقف أمام جمهورها، الذي يتوافد من حول العالم، لحضور حفلاتها والاستماع لذلك الصوت الطربي العظيم الذي يتراقص فوق أوجاعها.
فحاولت أم كلثوم إجراء عملية جراحية لاستئصال جزء من الغدة الدرقية، لكن الأمر قُبل بالرفض لأن الغدة الدرقية توجد في موقع حساس بالقرب من الأحبال الصوتية، فخوفًا من فقدانها لحب حياتها وهو الغناء، قررت التراجع عن إجراء العملية الجراحية واستبدال الأمر بنضارة سوداء ترتديها على خشبة المسرح.
أما فيما يتعلق بمنديل الست، فكان التوتر والقلق من الجمهور يجتاح قلبها، الأمر الذي أدى إلى إصابتها بالتعرق الشديد ما إن تخطو نحو المسرح، الأمر الذي جعلها تحمل منديل بين يديها، حتى لازمها الأمر فبقيت لا تستغنى عن تلك العادة، وأصبح جزء متأصل من شخصيتها التي عرفت بها على مدار أعوام طويلة.
حيث قالت “خوفي من الجمهور هو سبب ظهوري بالمنديل عشان بعمله ألف حساب“.
“يا حبيبي يلا نعيش في عيون الليل.. ونقول للشمس تعالي تعالي بعد سنة مش قبل سنة.. دي ليلة حب حلوة بألف ليلة وليلة بكل العمر“.
اقرأ أيضًا: شاعر وأغنية| أم كلثوم بين حب القصبجي وأحمد رامي.. من فاز وكيف انتهت القصص؟
طفولة أم كلثوم
هي “فاطمة إبراهيم السيد البلتاجي“، ولدت في قرية طماي الزهايزة بمحافظة الدقهلية 31 ديسمبر عام 1898، كانت الأسرة تعاني من مستوى اقتصادي منخفض، حتى أصحبت “ثومة” – أحد ألقابها– هي مصدر الدخل الذي تعتمد عليه الأسرة، فتتلمذت في الغناء على يد والدها، الذي كان يصطحبها إلى حفلاته للغناء برفقته، فكان ينبهر كل من يسمع صوت الصغيرة ويتعلق بها وباحساسها العظيم.
فذات مرة كانت في القطار تردد ألحان أبو العلا محمد، الذي سمع ذلك الصوت الذي يملأه الشجن، دون أن تدري أنه إحدى ركاب ذلك القطار، وأنها التقت به وأعجب بصوتها، فألح على والدها لينتقلا إلى القاهرة، ومن هنا كانت إنطلاقة مسيرة سيدة الغناء العربي.
“رجعوني عينيك لأيامي اللي راحوا.. علموني أندم على الماضي وجراحه.. اللي شفته قبل ما تشوفك عنيا.. عمر ضايع يحسبوه إزاي عليا.. إنت عمري اللي ابتدى بنورك صباحي.. إنت إنت عمري“.
اقرأ أيضًا: شاعر وأغنية| “يا مسهرني” عتاب رامي لأم كلثوم كيف استفاد منه سيد مكاوي؟
مسيرة أم كلثوم المهنية
توجهت أم كلثوم إلى القاهرة عام 1922، وصعدت على مسرح البوسفور في ميدان رمسيس لتبدأ مشوارها الفني نحو الغناء، ثم مسرح حديقة الأزيكية، حتى صدرت لها أول اسطوانة تحمل عنوان “وحقك أنت المنى والطلب“.
حيث حققت نجاحًا باهرًا وبيع من الاسطوانة ما يقرب من 18 ألف نسخة من أجل الاستماع لغناء أم كلثوم، حتى توالت حفلات أم كلثوم، فغنت أمام كبار وعظماء الطرب، وذاع صيتها كثيرًا حتى التقت بالموسيقار محمد عبدالوهاب ثم أحمد راميالشاعر الذي قدم لها كلمات أغنياتها التي ساهمت في انطلاق كوكب الشرق.
كما بدأ محمد القصبجي في تجهيز فرقة أم كلثوم الخاصة، التي لم تتخلى عنها طوال مسيرتها الفنية حتى وفاتها، ولتفرد ثومة بصوتها العبقري كانت أول ما قام بالغناء في الإذاعة المصرية فور نشأتها، الأمر الذي أكسبها شهرة واسعة وصلت إلى العالم.
فتعاونت كوكب الشرق مع نخبة من أبرز الشعراء والملحنين خلال مشوارها الفني، ومن أبرزهم محمد عبدالوهاب وبليغ حمدي وزكريا أحمد ورياضالقصبجي ومأمون الشناوي، كما قدمت عدة أفلام وهي “وداد ونشيد الأمل“، “دنانير“، “سلامة” و“عايدة” و”فاطمة”، وتزوجت من حسن السيد الحفناوي في عام 1975 واستمر زواجهما حتى وفاتها.
اقرأ أيضًا: شاعر وأغنية| “حيرت قلبي معاك”.. كيف لخصت قصة عشق رامي لأم كلثوم؟
رحيل سيدة الغناء العربي
في 3 فبراير عام 1975، أعلِن خبر هز شعب مصر والعالم وتألمت أرواحهم، حيث فارقت الحياة أيقونة الغناء العربي أم كلثوم، إثر صراع طويل مع المرض عن عمر يناهز 76 عامًا، وأعلنت إذاعة الشرق الأوسط والبرنامج العام وصوت العرب خبر وفاتها.
لترحل أبرز وأشهر فناني القرن العشرين، التي نشأت الأجيال على صوتها وعراقتها، وتعلم منها الكثير حول العالم، وعاشوا حكايات على صوتها الذي داوى قلوبهم وشاركهم السعادة والفرح، فهي أصل الطرب وحب الغناء والتضحية من أجل الفن وأحلامها.
“اهرب من قلبي أروح على فين.. ليالينا الحلوة في كل مكان.. مليناها حب احنا الأتنين وملينا الدنيا أمل وحنان“.
أهم أعمال أم كلثوم الفنية وجوائزها
حصدت الفنانة أم كلثوم على عدة تكريمات ومنها:
1. وسام الرافدين من الحكومة العراقية عام 1946، كما يعتبر أعلى وسام تمنحه العراق.
2. وسام الأرز برتبة كوماندوز من رئيس الوزراء اللبناني رشيد كرامي عام 1959.
3. وسام الجمهورية من رئيس تونس بورقيبة عام 1968.
ومن أبرز أغانيها:
سيرة الحب، ألف ليلة وليلة، إنت عمري، دارت الأيام، أمل حياتي، لسة فاكر، حب إيه، فكروني وليلة الحب التي اعتبرت آخر حلقة في سلسلة تاريخ أم كلثوم، بالإضافة إلى أغنيات أخرى خلدت في قلوبنا حتى هذه اللحظة وستبقى حتى النهاية.
اقرأ أيضًا: شاعر وأغنية| “اسأل روحك” اشعلت الخلاف بين الموجي وأم كلثوم