اشتهر بعشقه للسينما منذ طفولته، كما ارتبط مصيره بالحرب فلقد أصبح مخرج من الجيل الذي تفتح وعيه على حرب 1967 وترك بصمته في الأفلام التسجيلية، أنه خيري بشارة الذي عُرف بمخرج الواقعية الشاعرية.
وذلك لأن أفلامه التسجيلية على مدار فترة طويلة اتسمت بالواقعية والعفوية، وفي السطور التالية تعرض “كلمتنا” علاقة خيري بشارة والواقعية في السينما المصرية.
ولكن تعال لنتعرف عليه أولًا:
ولد خيري بشارة عام 1947 في القاهرة، عشق السينما منذ طفولته وأحس دائمًا بهموم وطنه، تخرج في قسم الإخراج بالمعهد العالي للسينما بالقاهرة.
ارتبط مصير خيري بشارة بالحرب، فلقد أصبح مخرج من الجيل الذي تفتح وعيه على حرب 1967 وظهر ذلك في أول أفلامه “صائد الدبابات”، كما سعى إلى تغيير السينما التي تصنع في مصر.
بدأ حياته العملية من خلال السينما التسجيلية في نفس عام الحرب، ثم أصبح من أعمدة السينما المصرية، ويعد فيلمه الثاني “العوامة 70” هو بداية للواقعية الجديدة في السينما المصرية.
خيري بشارة والواقعية الشاعرية الراقية:
بعد العديد من التجارب الناجحة لخيري بشارة في السينما التسجيلية، وقبل بلوغه الثلاثين من عمره بدأ في إخراج عمله الأول الذي كان بعنوان “الأقدار الدامية”، في محاولة منه أن يغير السينما حتى يستطيع من خلالها نقل مشاعره للمشاهدين.
وبالرغم من حدوث الكثير من المشاكل والصدامات وتوقف العمل في الفيلم لفترة طويلة ليستغرق الفيلم حتى يتم يتم عرضه 6 سنوات، وظهر في ذلك الفيلم بصمة بشارة الواقعية، وتدور أحداث الفيلم عن حرب 1948، وتسبب الطبقة البورجوازية الفاسدة في حدوث النكبة.
كما ظهر انحياز بشارة للفقراء في هذا الفيلم موضحًا ذلك في بيوتهم التي كانت أكثر جمالًا من القصور التي جعل الإضاءات وكدرات التصوير الخاصة بها تظهرها في شكل سيء يوضح جمال البساطة.
وبالرغم من أن الفيلم لم يعرض في السينما المصرية إلا أن بشارة ترك بصمته فيه.
“العوامة رقم 70” بداية الواقعية الجديدة في السينما المصرية:
في عام 1982 استطاع خيري بشارة أن ينقل السينما المصرية إلى إبداع جديد بعيدًا عن النمطية، وذلك من خلال فيلمه الثاني “العوامة رقم 70” والذي كان بداية للواقعية في السينما المصرية.
وتدور أحداث الفيلم عن مخرج تسجيلي يسمى أحمد يقوم بإخراج فيلم عن أحد محالج القطن ويبلغه أحد العمال عن حدوث عمليات اختلاس فيه، وقبل شهادة العامل يلقى مصرعه، حتى يقرر أحمد إخراج فيلم عن الفساد في المحلج الذي تسبب في مقتل العامل، ولكن يتخلص منه المختلسون بتلفيق تهمة القتل له، وتتوالى الأحداث.
والفيلم من بطولة أحمد زكي، كمال الشناوي، تيسير فهمي، ملجدة الخطيب، أحمد بدير، وإبراهيم الشرقاوي، واستطاع بشارة ببراعته الإخراجية إدارة الممثلين ليقدموا أداء رائع.
الطوق والأسورة:
في عام 1986 استطاع خيري بشارة أن يلفت انتباه الجميع للسينما المصرية من خلال إخراج مبدع لفيلم “الطوق والأسورة”، ذلك الفيلم الذي أظهر قوة موهبة بشارة وتفرده وتميزه في مجال الإخراج السينمائي.
وتحدث الفيلم عن الواقع للذي يسيطر عليه الفقر والمرض والجهل وخيبة الأمل والاستسلام للمصير المحتوم، في رسالة واضحة من بشارة أن المأساة سوف تتكرر إذا تم التعامل بنفس المنطق والعجز، وأنه يجب مواجهة ذلك وكسر القيود والتحرر.
اقرأ أيضًا: “أسامة أنور عكاشة” .. تاريخ في كلاسيكيات الدراما التليفزيونية
يوم مر ويوم أمر:
عام 1988 صدر فيلم بشارة “يوم مر ويوم حلو” من بطولة فاتن حمامة التي جسدت شخصية الأم التي تحارب من أجل تعليم أبنائها في ظل العديد من الظروف الصعبة للغاية التي تضطرها في النهاية إلى الاستسلام.
أطلق النقاد على فيلم بشارة “يوم مر .. يوم أمر” بعد عدم عثورهم على أي يوم يوم حلو، خاصًة أنه الفيلم يجسد معاناة أسرة مصرية تعيش في فقر مدقع، واعتمد بشارة في أحداث الفيلم على التعمق في تفاصيل مشاهد الحياة اليومية دون الاعتماد على القصة التقليدية.
أعمال الفنية لخيري بشارة:
قام بشارة بإخراج العديد من الأفلام أهمها “ايس كريم في جليم”، “أمريكا شيكا بيكا”، “حرب الفراولة”، “إشارة مرور”، “رغبة متوحشة”.
كما قام بإخراج عدة مسلسلات منها: “ريش نعام”، و”مسألة مبدأ”، و”الفريسة والصياد”، و”بنت اسمها ذات”، و”الهروب من الغرب”، و”الطوفان”.
ولم يكتفِ بشارة بالإخراج فلقد قام بالتمثيل في عدة أفلام أبرزها: “كابوس”، و”امرأة آيلة للسقوط”، و”زوجة رجل مهم”، و”أحلى الأوقات”.
جوائز وتكريمات:
حصل خيري بشارة على العديد من الجوائز أهمها: جائزة الفكرة عام 1975 عن فيلمه “صائد الدبابات” في مهرجان الأفلام التسجيلية والقصيرة، وأيضًا حصل على جائزة السيناريو والإخراج عن عدة أفلام في عامي 1976 و1977، فضلًا عن حصوله على جائزة الدولة التشجيعية في الفنون من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية.
اقرأ أيضًا: “صلاح جاهين” .. فيلسوف البسطاء وشاعر الرباعيات المصرية
