تعرف على العالم “ابن النفيس” مكتشف الدورة الدموية الصغرى
كان للعالم العربي “ابن النفيس“، دورًا بارز في بعض الاكتشافات التي غيرت تاريخ البشرية، ومازال بعض العلماء يعتبروا مؤلفاته مرجع عبقري للطب، كما اعتبر مكتشف الدورة الدموية الصغرى، بالإضافة إلى كونه رائدًا في علم وظائف الأعضاء.
العالم ابن النفيس
ولد ابن النفيس في دمشق عام 1210 م، درس الفقه الشافعي والفلسفة والعلوم الدينية دراسة شاملة، وصولًا إلى دراسة الطب على يد الطبيب الدمشقي ابن الدخوار.
وما هو إلا وقت قليل، حتى غادر ابن النفيس إلى مصر، وعمل كطبيب في مستشفى الناصري الذي بناها السلطان قلاوون، حتى اشتهر بالقاهرة وأصبح مدير الأطباء، الأمر الذي جعل الظاهر بيبرس يختاره ليصبح طبيبه الخاص، نظرًا لعلمه الواسع واجتهاده.
حيث كان يعتمد على تنظيم الغذاء الصحي لعلاج المرضى، أكثر من الاعتماد على الطريقة التقليدية للشفاء وهي العقاقير، كما اشتهر بآراءه الجرئية، ونقد أخطاء كبار العلماء مثل ابن سينا وجالينوس، فاتصف بحرية الرأي والتعبير دومًا، كما اهتم بالعوامل التي ثؤثر في الجسم، لمعرفة ما يمكن وراء المرض، أكثر من الاهتمام بالمادة والعلاج.
الدورة الدموية الصغرى
بعد تعمق ابن النفيس في الطب والدراسة الواسعة، اعتبر أول من اكتشف الدورة الدموية الصغرى، التي كانت بدورها سببًا في اكتشاف الدورة الدموية الكبرى، حيث اثبت أن الرئتين هي المسؤول الأول عن تنقية الدم، حيث يخرج من البطين الأيمن للقلب نحو الرئتين، ثم يمتزج بالهواء الذي يملأ الرئتين، ومنه ينتقل إلى البطين الأيسر.
وهذا الذي يتعارض بدوره مع الآراء السائدة آنذاك، حيث اعتقد الطبيب الإغريقي جالينوس، أن الدم ينشأ في الكبد ثم يتجه نحو البطين الأيمن في القلب، وظل العالم يجهل نظرية ابن النفيس كثيرًا حتى عام 1924، حيث وجد العالم المصري “محيي الدين التطاوي“، عندما كان يدرس الطب العربي في برلين، مخطوطة لابن النفيس، يشرح فيها الدورة الدموية الصغرى، وبالتالي أثبت ذلك أنه أول من اكتشفتها حتى لو أخفى أحدهم تلك المخطوطة.
حرصه على نشر العلم
بالإضافة إلى الدورة الدموية الصغرى، ناشد ابن النفيس من أجل دراسة التشريح، فعُرف بتشرحيه إلى الشرايين والجهاز التنفسي، كما اعتبر أول من تحدث عن العلاقة التي تربط بين تناول الملح، وارتفاع ضغط الدم.
ولا تقتصر حياته على دراسة الطب والبحث، إنما أنشأ في القاهرة دار متخصصة في العلوم، زينت جميعها بالرخام، حتى أصحبت الأشهر في القاهرة وفي تاريخ العالم الإسلامي، حيث كان يزور الدار أمراء وعلماء من مختلف أنحاء العالم، أملًا في تلقي العلم على يد ابن النفيس.
ليرحل العالم العبقري العظيم “ابن النفيس” في 17 ديسمبر عام 1288، في مستشفى المنصوري بالقاهرة عن عمر يناهز 80 عامًا، إثر إصابته بمرض شديدًا استمر لعدة أيام.
حيث حاول الأطباء معالجته بالخمر، لكنه رفض رفضًا قاطعًا، الأمر الذي دعاه لقول “لا ألقى الله وفي جوفي شيء من الخمر“، حيث شعر أنه سيغادر العالم، الأمر الذي جعله يوصي زملائه على العلم حيث قال “إن شموع العلم يجب أن تضيء بعد وفاتي“.
فأصحبت مؤلفاته مرجع أساسي لكبار الأطباء حتى هذه اللحظة، نظرًا لعلمه الواسع الذي ساهم في تغيير البشرية وتصحيح النظريات الخاطئة.
ومن أشهر مؤلفاته: الموجز في الطب– المهذب في الكحل المجرب وهو يتحدث عن طب العلوم.
الرسالة الكاملية عن السنة النبوية– الشامل في الصناعة الطبية– شرح تشريح القانون.
المختصر في أصول علم الحديث– المختار في الأغذية– فاضل بن الناطق– شرح فصول أبقراط– بغية الفطن في علم البدن.
اقرأ أيضًا: هل حقا الخوارزمي أسس علم الجبر؟.. بردية مصرية تكشف الحقيقة