النفايات الإلكترونية في يومها العالمي.. ثروة طائلة بين أكوام المخلفات
يعاني كوكب الأرض كثيراً من مشاكل المخلفات، التي تلقي بتداعياتها على النظم البيئية المختلفة، ومن ضمنها النفايات الإلكترونية، التي تولد مشكلة جديدة تماماً، نظراً لارتفاع مستويات سميتها، حيث تتكون الإلكترونيات عادةً من مواد قابلة لإعادة التدوير بسهولة، مثل البلاستيك والزجاج، فضلاً عن كميات صغيرة من المواد السامة، مثل الرصاص والكوبالت والسيليكون والزئبق والزرنيخ.
وبمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للنفايات الإلكترونية (E-Waste Day)، الذي يوافق 14 أكتوبر من كل عام، تستعرض منصة «كلمتنا» في هذا التقرير بعضاً من جوانب مشكلة النفايات الإلكترونية، كما تعرض لكيفية الاستفادة من بعض مكونات هذه النفايات، عن طريق إعادة تدويرها، بما يمكن أن يحقق مكاسب مادية كبيرة، بالإضافة إلى تخفيف الضغط على الموارد المحدودة للأرض.
عند إعادة تدوير النفايات الإلكترونية بشكل صحيح، يتم فصل المواد القابلة لإعادة التدوير بسهولة وإعادة استخدامها، في حين يتم إعادة تدوير بعض المواد السامة، من خلال عمليات متخصصة أو التخلص منها بأمان، وعند إلقاء النفايات الإلكترونية في سلة المهملات، أو التخلص منها بطريقة غير صحيحة، يمكن أن تلوث هذه المواد السامة المواد القابلة لإعادة التدوير، بل ويمكنها أن تتسرب إلى التربة والمياه الجوفية.
اقرأ أيضاً: “نورهان” تركت الهندسة لتبدع في إعادة التدوير
مواد محظورة في مدافن النفايات
تحتوي أجهزة التلفزيون وشاشات الكمبيوتر على أنابيب أشعة الكاثود (CRTs) التي تحتوي على 4 أرطال من الرصاص في المتوسط، وهي مادة محظورة في مدافن النفايات والمحارق، لمنع إطلاق المواد الكيميائية الخطرة، يمكن أن تسبب هذه المعادن الثقيلة السرطان، ومشاكل في الجهاز العصبي والجهاز التناسلي والتطور، إذا لم يتم إعادة تدويرها أو التخلص منها بشكل صحيح.
مصدر قلق كبير آخر للسلامة، هو بطاريات الليثيوم أيون، حيث تحتوي العديد من الأجهزة الإلكترونية على هذا النوع من البطاريات كمصدر للطاقة، وسيتم تصنيع المزيد من هذه البطاريات في السنوات القادمة لأنها تخزن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح النظيفة، لاستخدامها عندما لا تشرق الشمس ولا تهب الرياح، ومع ذلك، فإن المواد الموجودة في هذه البطاريات قابلة للاشتعال بشكل خطير، وأثارت حرائق في مراكز القمامة وإعادة التدوير في جميع أنحاء العالم، لذلك من المهم إدارتها بشكل صحيح، خاصة في الأجهزة الإلكترونية الأكثر استخداماً، مثل الهواتف المحمولة.
تفاقم مشكلة النفايات الإلكترونية
ازدادت مشكلة المخلفات الإلكترونية سوءاً مؤخراً، بسبب الاعتماد الجماعي للأجهزة الجديدة، مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة اللوحية، ففي عام 2010، تم بيع نحو 300 مليون جهاز هاتف ذكي في جميع أنحاء العالم، وفي غضون 9 سنوات فقط، تضاعف هذا الرقم بمقدار 5 أضعاف، إلى ما يقرب من مليار و524 مليون جهاز في 2019.
كما اتبعت أجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية ولوحات المفاتيح ووحدات التحكم في ألعاب الفيديو وأجهزة التلفزيون وأنواع أخرى من الإلكترونيات، اتجاها مشابهاً، حيث تضاعفت المخلفات الإلكترونية العالمية تقريباً من 33.8 مليون طن متري في عام 2010، إلى أكثر 53 مليون طن متري في عام 2020، ورغم أنه قد يبدو من المستحيل إيقاف تدفق الأدوات المتطورة الجديدة، ولكن هناك العديد من التغييرات التي يمكن إجراؤها في تصميم وتسويق الإلكترونيات لتقليل الاستهلاك والنفايات الناتجة عنها.
اقرأ أيضاً: لماذا علينا جميعًا المشاركة في مبادرة “اتحضر للأخضر”؟.. تعرف على التفاصيل
التقادم المخطط لمنتجات أقل جودة أكثر ربحية
أحد التغييرات الكبيرة التي يمكن لشركات التكنولوجيا الكبيرة إجراؤها للمساعدة في الحد من النفايات الإلكترونية، هو وقف ممارسة «التقادم المخطط له»، حيث تلجأ غالبية هذه الشركات إلى تشجيع المستهلك على الشراء، من خلال صنع منتجات أقل جودة، تتعطل أو تتوقف عن العمل بشكل صحيح بعد بضع سنوات فقط من الاستخدام.
فعلى سبيل المثال، إذا كان جهاز (iPhone) الخاص بك يعمل جيداً لمدة 5 سنوات، فلن تحتاج إلى شراء جهاز جديد لفترة من الوقت، ولكن إذا بدأ في التباطؤ بعد عام، وانكسر بعد عامين، وهو ما يحدث غالباً لكثير من الأنواع الأخرى، فبالتأكيد ستحتاج إلى شراء جهاز جديد بشكل متكرر، وهذا السيناريو أكثر ربحية لشركات التكنولوجيا، لزيادة مبيعاتها عاماً بعد آخر، من خلال منتجات أقل جودة ولا تدوم طويلاً.
حق الإصلاح يطيل عمر الأجهزة الإلكترونية
كما أن إحدى العقبات الأخرى، التي تؤدي إلى تفاقم مشكلة النفايات الإلكترونية، تتمثل في مقاومة شركات التكنولوجيا المتزايدة للسماح للمستهلكين والأطراف الثالثة بإصلاح منتجاتهم، حيث تلجأ الشركات إلى صنع هواتفها بمسامير خاصة لا تتوافر لدى أي طرف آخر سواها، أو تصميم منتجات غير قابلة للإصلاح، وبالتالي تحتفظ بحق الإصلاح لنفسها دون غيرها.
ويؤدي هذا إلى قيام المستهلكين بالتخلص من الأجهزة الإلكترونية واستبدالها بشكل متكرر، نظراً لأن إصلاح المنتجات ومنحها حياة جديدة، غالباً ما يكون أكثر صعوبة وتكلفة، وفي المقابل، هناك العديد من الأشخاص والمنظمات تشجع على حق الإصلاح، مثل شركة (iFixit)، التي تقدم أدلة وأدوات متخصصة لمساعدة المستهلكين على إصلاح هواتفهم الذكية وغيرها من الأجهزة الإلكترونية، كما ظهرت قوانين الحق في الإصلاح في عدد من البلدان.
هناك أيضاً العديد من الأمور التي يمكننا القيام بها كأفراد، لتقليل النفايات الإلكترونية، ولعل الاستراتيجية الأكثر فعالية هي أن تكون متيقظاً وهادفاً في مشترياتك من الإلكترونيات، حيث تتبارى شركات التكنولوجيا في إدارة الحملات التسويقية لإقناعنا بالحاجة إلى أن يكون لدينا أحدث جهاز، أو آخر تحديث، لتكون أجهزتنا عصرية ورائدة، وغالباً ما تؤدي هذه العقلية إلى ترقيات متكررة ليست ضرورية حقاً، ويمكن تقليل الانبعاثات والمخلفات الإلكترونية باستخدام المنتجات طوال عمرها الافتراضي قبل اللجوء لترقيتها.
كيفية التخلص من النفايات الإلكترونية بأمان
الإلكترونيات التي انتهى عمرها الافتراضي إما أن يتم تفكيكها يدوياً أو تمزيقها ميكانيكياً، أو مزيج من الاثنين معاً، حيث يتم بيع البلاستيك والمعدن المنفصلين لإعادة التدوير، ويتم إرسال الزجاج إلى المصهر، حيث يتم استعادة الرصاص في عملية الصهر، وفي بعض الحالات، يمكن للقائمين على إعادة تدوير النفايات الإلكترونية تجميع الأجزاء القابلة لإعادة الاستخدام، مثل محركات الأقراص الثابتة، واللوحات الأم، لإعادة استخدامها أو إعادة بيعها، كما يمكن إعادة تدوير مكونات أخرى باختبار الإلكترونيات، وبيع معدات العمل لتجار الجملة أو المستهلكين، أو التبرع للمدارس والمؤسسات غير الربحية.
وبالإضافة إلى تقليل المخلفات الإلكترونية، من المهم جداً التأكد من التخلص من الأجهزة الإلكترونية بشكل صحيح عند توقفها عن العمل ولم تعد قابلة للإصلاح، وهناك بعض متاجر الإلكترونيات الكبرى التي تقبل الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية القديمة والمكسورة في متاجرها، وترتيبها لإعادة تدويرها بأمان، كما توجد بعض المواقع المعتمدة لتسليم النفايات الإلكترونية لإعادة تدويرها، مقابل حوافز تشجيعية.
اقرأ أيضاً: “VaryNile”.. مبادرة تترك بصمة في الحفاظ على البيئة