“سبيل نفيسة البيضاء”.. عمل خيري بطراز معماري فريد
يعتبر شارع المعز لدين الله الفاطمي من الوجهات السياحية المشرفة لمصر، ويوجد به العديد من الأماكن الأثرية المميزة، ومن ضمن تلك الأماكن “سبيل نفيسة البيضاء”، الذي أقيم خصيصا من أجل تقديم ماء الشرب كعمل خيري في عهد السيدة نفيسة، وسنتعرف على تفاصيل أكثر عن ذلك السبيل والهدف من إنشاءه.
أين يقع سبيل نفيسة البيضاء؟
يقع السبيل في حي الغورية بجانب باب زويلة، ويرجع تاريخ إنشائه إلى “1211، 1796″، وكان السبب في إنشائه السيدة نفيسة البيضاء.
من هي نفيسة البيضاء “الجارية شركسية؟
ولدت عام 1743م، كانت تعتبر من أغنى أغنياء مصر قديما، جاءت إلى مصر “جارية شركسية” في عهد المماليك تزوجت من “علي بك الكبير”، وكانت من أجمل نساء عصرها، حيث كان لها مكانة عالية من الاحترام والتقدير لدى العلماء والأمراء، و اشتهرت بقيامها بالكثير من الأعمال الخيرية، ومن ضمن تلك الأعمال سبيلها الذي نسب إلى اسمها.
وصف السبيل:
تطل الواجهة الرئيسية للسبيل على الواجهة الرئيسية للقاهرة، وتعتبر من الوجهات نصف دائرية، ويطل السبيل على الشارع بثلاث شبابيك، كما يوجد في دخلاته معقودة تعتمد على أربعة أعمدة أمام الواجهة، وكانت الشبابيك تزين بالأشكال الزخرفية النباتية مثل شكل “الدانتيل” والهدف من هذا النوع من الزخرفة التعبير عن عطاء الأم لطفلها الحنان، كعطاء السبيل لأبنائها العطاشين للماء.
أقرأ أيضا: “مسجد الظاهر برقوق”.. أول تصميم معماري في تاريخ المماليك
الهدف من إنشاء السبيل:
كان الهدف من إنشاء السبيل هو تقديم ماء الشرب وإعطائه للمارة، حيث كان العاملون يملؤون الأكواب من الأحواض ذات أساس رخامي ويقومون بتسليمها للناس إلى الخارج، والذي يمد السبيل بالماء هو صهريج يوجد تحت باطن الأرض يكثر به ماء النيل.
كما أن المميز بذلك الصهريج أنه لا يوجد بأسفل السبيل مباشرة إنما يوجد تحت مبنى مجاور، لذلك يعتبر نموذجا فريدا للطراز المعماري الذي أبهر العديد من قيادات الدولة العثمانية في ذلك الوقت.
اختارته السيدة نفيسة بكل دقة، لذلك يتمتع بموقع استراتيجي مميز في الطرف الجنوبي من الشارع المعز، كما يعتبر الواجهة الرئيسية للمدينة بسبب تحديده للأسوار الجانبية للمدينة، فيطلق عليه “المعلم التاريخي”، فعندما بنى ذلك السبيل كان واحدا من أكثر من 300 مبنى مميز في القاهرة، ولكن في وقتنا الحالي لم يتبقى من كل هؤلاء إلا 70 فقط، وأهم ما يميز كل سبيل نوافدة المغطاة بالقضبان المزخرف، والذي يربط أكواب الشرب بسلاسل.
ترميم سبيل وكتاب نفيسة البيضاء:
تعاون مركز البحوث الأمريكي في مصر مع المجلس الأعلى للآثار من أجل تنفيذ مشروع الترميم “السبيل والكتاب” للمحافظة على ذلك التراث الأثري الأصيل، واستمر الترميم نحو ثلاث سنوات، وأثناء عملية تجديد السبيل أن العثور على مزيد من القطع الأثرية التي تنتمي إلى فترات تاريخية مختلفة.
يعد “سبيل نفيسة البيضاء” من ضمن الأثار المصرية العتيقة والمميزة، لذلك يجب علينا حماية ذلك المبنى الأثري من الانهيار، وهكذا نكون قد أوفينا حديثنا اليوم عن موضوعنا.
أقرأ أيضا: حديقة فريال.. تاريخ مصر الأخضر يعاد ترميمه