المرأة المصرية.. كيف قادت المجتمع من هزيمة يونيو حتى النصر؟
عقب هزيمة يونيو عام 1967م قامت المرأة المصرية بدور بطولي، ووسط الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي مر بها المجتمع المصري عقب النكسة ظهر دور النساء بقوة، وقدمت المرأة الدعم المعنوي لأبناء وطنها، إضافة إلى التطوع في المستشفيات والتبرع بالدم وتدبير شئون الأسرة بموارد مالية قليلة وتحفيز الأبناء على الثأر وتعلم فنون القتال، تقدم لكم منصة كلمتنا اليوم في الذكرى الـ50 على حرب أكتوبر نماذج من السيدات لعبن دورًا رئيسيًا في تحقيق النصر من خلال إعداد المجتمع المصري للمعركة.
السيدة الأولى
قامت السيدة جيهان السادات حرم الرئيس الراحل أنور السادات بدور كبير ومؤثر عقب هزيمة يونيو عام 1967م وحتى تحقيق نصر أكتوبر، ومن بين ما قدمته للمجتمع المصري لا ننسى قصة المقاتل سيد حسن، والذي وصل لأحد المستشفيات عقب هزيمة يونيو أثر إصابة بسيطة بعد أن قام بدوراً بطوليًا خلال القتال، وفور علاجه امتنع عن الطعام لرفض الأطباء السماح له بالعودة لأرض المعركة، وعلى مدار يومًا كاملًا حاول الجميع إقناعه بضرورة الراحة لكن استمر في إصراره لرفض تناول الطعام، وفور علم السيدة جيهان السادات بهذه القصة توجهت للمستشفى وحاولت إثنائه عن الإضراب عن الطعام لكن لم تنجح، وعندما أخبره الجميع بأنه يتحدث لحرم القائد الأعلى للقوات المسلحة وأن هذا أمر وافق بشرط توصيل مطلبه بالعودة لجبهة القتال للرئيس، وبالفعل وافقت السيدة جيهان السادات وأصرت على أن تطعمه بيدها ولم تغادر المستشفى إلا بعد أن اطمأنت على حالته الصحية.
اقرأ ايضاً: جيهان السادات.. لماذا أطلق عليها “أم الأبطال”؟
زوجة رجل مهم
ما بين نماذج كثيرة وبطولات لم تأخذ حقها من التكريم والإشادة نجد زوجة العقيد أركان حرب إبراهيم زيدان والذي استشهد أثناء حرب أكتوبر عام 1973م، وفي حديث لأحد الصحف عقب استشهاده قالت أنها كانت دائما تحفز زوجها على الثأر من العدو وتحقيق الانتصار للشعب، وكانت تقول له “أنت سايب نفسك”، فيرد قائلًا “سيحن الوقت الذي يهدأ فيه بالنا”.
وتحدثت زوجة العقيد أركان حرب إبراهيم زيدان عنه ووصفته بأنه كان شديد العطاء ويفضلها هي وابنتيه على نفسه، كما أنه خلال عمله عقب هزيمة يونيو عام 1967م لم يحصل على أي إجازات سنوية، وكانت تعرف أنه لن يهدأ أو يتراجع وسيمنح حياته فداءاً لوطنه مصر من أجل تحقيق النصر واستعادة الكرامة.
فاطمة على خط النار
في إحدى قرى الريف المصري وتحديدًا قرية البعث الجديد والتي سقط فوقها حوالي 32 قنبلة خلال معارك أكتوبر، كان الأهالي يقومون بجمع بقايا القنابل وحطام الطائرات وقطع الشظايا، وكانت الفلاحات يأخذن الحيوانات والأطفال بعيدًا ليتمكن الرجال من إنهاء عملهم، ووسط الرجال وقفت الفلاحة فاطمة متولي ترفع حطام الطائرات، وحكت وهي تقف بجوار جسم أحد القنابل أنها كانت تشاهد حطام الطائرات وهي مشتعلة في السماء وتسقط فوق قريتها بعد انتهاء المعارك، لكنها لم تشعر بالخوف خاصة وأن لها شقيقان يقاتلان على الجبهة، وحرصت على جمع حطام الطائرات مع أبناء قريتها لتعود الحياة لطبيعتها في المكان.
أم الأبطال
ووسط ذعر الأهالي في ذلك الوقت من الأنباء عن سقوط قتلى ومصابين من الصفوف المصرية، كانت الفلاحة أمينة الشوربجي أم محمد وعادل وأحمد من أبطال مصر الذين شاركوا في تحقيق نصر أكتوبر المجيد تجلس في قمة السعادة، وحكت أن ابنها محمد أرسل لها خطابا من الجبهة قال فيه أنه متواجد في سيناء وعبر قناة السويس مع زملائه من الجنود البواسل، ويقوم بتطهير الأراضي المصرية من آثار العدو الصهيوني تحت شعار النصر أو الشهادة، وبفخر شديد ودموع أمل ورجاء بعودة هذه القطعة الغالية للوطن صمتت أم الأبطال.
وموقف أمينة لا يختلف عن ما قامت به شفيقة عبد السلام ابنة محافظة الدقهلية والتي وصفتها الصحف في ذلك الوقت بالخنساء الثانية لأنها وهبت أبنائها الثلاثة للجهاد في سبيل مصر، مؤكدة أن إذا كان لديها ابن رابع كانت أرسلته على الفور للجبهة، وعندما بكت ابنتها خشية فقد أشقائها فور توافد الأنباء باشتداد المعارك صفعتها شفيقة وقالت أنهم حتى إذا استشهدوا جميعا فلن تبكي فهي انجبتهم ليكونوا رجالا ويدافعون عن وطنهم، وأنهت حديثها قائلة أنها تشعر بسعادة غامرة عقب وصول خطاب من ابنها والذي شارك من قبل في حرب 1967م، قال لها فيه أن أبنائها الثلاثة استطاعوا تحطيم أسطورة العدو الذي لا يقهر في انتصار تاريخي سيتحدث عنه العالم.
وهذه القصص وغيرها واحدة من المئات والتي أظهرت المعدن الأصيل للمرأة المصرية حينما بدأت معارك التحرير، ففي محافظة بني سويف خرجت لأول مرة المرأة الصعيدية عن التقاليد وتركت أولادها ومنزلها لتساهم بأي قدر من الجهد تحتاجه المعركة، وفور علمهن بأن هناك تعبئة عامة للسيدات أعلن عنها التنظيم النسائي في المحافظة قمن بتنظيم الاستهلاك ومحاربة السوق السوداء والقضاء علي ظاهرة التخزين في السلع التموينية وجمع التبرعات ورعاية أسر المجندين والشهداء.
اقرأ ايضاً: الشهيد الرائد عبد الهادي السقا.. بطل المخابرات المجهول في حرب أكتوبر