من ملفات التاريخ| حروب الإلحاد.. كيف حدثت أول إبادة جماعية بسببها في العصر الحديث؟
كتب: أحمد معز
إذا نظرنا إلى التاريخ وجدنا أن أعنف الحروب والإبادات كانت تحت راية الإلحاد، وهو ما يرصده أستاذ العلاقات الدولية “نفيد شيخ” في دراسة له “حروب الالحاد أتت في المركز الثاني بعد الحروب المسيحية من حيث حصاد الأرواح”، برقم يتراوح بين 100 مليون و150 مليون قتيل خلال 2000 عام فقط.
أما عن العلاقة الفلسفية تلك بين الإلحاد والجرائم التي يرتكبها معتنقوه، اختصرها الكاتب الأمريكي دينيش دسوزا: “ارتكبت جرائم الإلحاد عمومًا من خلال أيديولوجية متغطرسة ترى أن الإنسان هو صانع القِيم وليس الله.
ويسعى الإنسان إلى تهجير الله وخلق جنة العلمانية هنا على وجه الأرض، وبطبيعة الحال إذا كان هناك بعض الناس غير الأكفاء فيجب القضاء عليهم من أجل تحقيق هذه المدينة الفاضلة (الجنة).
فكيف صنعت حروب الإلحاد أول إبادة جماعية في العصر الحديث؟
يعتبر كثير من المؤرخين “مذبحة فيندي Vendéen genocide” عام 1793م بفرنسا أول إبادة جماعية في العصر الحديث، حيث بدأت عقب الثورة الفرنسية بعض قطاعات الشعب الفرنسي في التمرد ضد الحكومة العلمانية الجديدة، فما كان من الحكومة إلا أن قابلت هذه التمردات بالقمع الغاشم والفوري.
وفي عام 1793م، بدأ بعض الفلاحين بمنطقة فيندي في التظاهر ضد الوضع الاقتصادي الطاحن، وتحالف معهم المتدينين الكاثوليك، فطبقت عليهم حكومة “التنوير” سياسات شديدة الوحشية، تم على إثرها إعدام أكثر من 6,000 أسير أكثرهم نساء وأطفال وشيوخ، وإغراق أكثر من 3000 امرأة في المياه، كما تم دهس الأطفال الرضع تحت أقدام الخيول، بالإضافة إلى حرق المساكن والبيوت والمزارع عن بكرة أبيها.
بحلول عام 1796م، وصل إجمالي عدد القتلى طبقاً لبعض الإحصائيات إلى حوالي 500,000 إنسان تم حصد رؤوسهم حرقاً، غرقا، ذبحًا، أو دهسًا تحت أقدام العربات والخيول.
ورغم عدم شهرة هذا الحدث إلا أن أستاذ التاريخ البريطاني ألان فورست يقول إنه “حتى الآن يتذكر الغرب هذه المذابح كصراع بين الفلاحين والكاثوليك على جهة وبين الجمهوريين والملاحدة على الجهة الأخرى”.
وفي عام 2007 قدم بعض البرلمانيين الفرنسيين طلبا للحكومة الفرنسية مطالبا إياها بالاعتراف بهذه الإبادة الجماعية، لكن ما زالت الحكومة الفرنسية ترفض الاعتراف بهذه المذبحة.
اقرأ أيضًا: في اليوم العالمي للسلام.. هذه الدول لا تعرف الحروب!