كاتب ومقال

دار في خاطري| على شاطئ النيل

في أحد أيام هذا الصيف الذي مازال في أيامه الأولى قررت الجلوس على شاطئ النيل، فذهبت إلى أقرب مكان أعلمه لاكتشف وأنا في طريقي أن اليوم هو أحد أيام امتحانات آخر العام، أي صف دراسي يؤدي الإمتحان؟ مدارس؟ أم جامعات؟ لا أعلم، فلقد انتهت لدي تلك المرحلة من زمن، فلم أعد أهتم بمواعيد الامتحانات وما يحدث فيها، فإنني أشعر بأنها أصبحت شيئا لا يعنيني.

أذكر أيام دراستي كيف كانت أيام الامتحانات تلك شيئا مقدسا، لابد أن يعلمه جميع البشر، وكم كنت أتعجب ممن لا يعلمون شيئا عنها، فكيف لهم ذلك؟! إنها أيام امتحانات آخر العام!! كم كنت أحب تلك الأيام بقدر خوفي منها، فقد كانت لها طقوسها الخاصة، وإرهاصاتها التي تجعلها أياما مميزة عن بقية أيام العام، ألهذا السبب كنت أحبها؟! أم لأنها إعلانا لنهاية عام دراسي، يأتي بعدها إجازة صيفية طويلة؟! وكان الخوف أمرا لا أستطيع التخلص منه، فكان خوفا يصل إلى حد عدم النوم ليلا، خاصة ليلة أول أيام الامتحانات، فكان خوفا مركبا، مزيجا من مخاوف عدة، تبدده فرحة الإجازة لحظة الإنتهاء من الامتحان الأخير.

وصلت إلى شاطيء النيل وجلست على مقعد قريب منه يمكنني من رؤيته جيدا، تناولت الإفطار، وشربت كوبا من عصير المانجو، تلك الفاكهة المفضلة إلي التي لم يتغير ذوقي تجاهها منذ الطفولة كما تغير تجاه أطعمة كثيرة، ورحت انظر إلى النيل وأتأمله، وأتأمل الزرع على ضفته الأخرى، وطيور أبو قردان تأكل وتمرح، وصياد النيل الأزرق يحلق ويغرد في سعادة، ويصدح صوت عبد الحليم حافظ ” شوف بقينا فين يا قلبي وهي راحت فين” أيختلط الواقع ذو المناظر الخلابة بالذكريات التي كنت بصددها منذ لحظات، فلم تكن “هي” التي قصدها عبد الحليم هي نفسها “هي” التي خطرت ببالي في تلك اللحظة، فقد كانت “هي” بالنسبة لي تعني الأيام والذكريات، كم أحب الماضي حتى أيامه الصعبة، فأنا دائما على يقين تام بأن الآتي أفضل، وأبقى الحمد لله دائما وأبدا.

ما هي إلا ساعة أو ساعتين حتى غلبني النعاس، أذلك بسبب الحر أم بسبب قلة النوم، ولكنني ظننت أنني لم أنم كثيرا، ولكن الحقيقة غير ذلك، ولكن ذلك النوم المتقطع لم يعكر صفو اليوم الجميل، ولكن ما عكره تلك القطة الصغيرة التي كانت تبحث عن طعام، كم أكره أن تقترب مني تلك المخلوقات الصغيرة اللطيفة التي أحب أن أشاهدها في الصور والفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، فكم أكره وجود الحيوانات والطيور على مقربة مني، على الرغم من أن ذلك الأمر لم يكن في الماضي.

تذكرت عندما كنت في الرابعة أو الخامسة من عمري كنت أتمنى أن يكون لدي قطة، ولكن حمدا لله أن تلك الأمنية لم تتحقق، ولكن تلك الذكرى جعلتني أفكر كيف يتغير الخوف لدى الإنسان، فما كان ما أخافه بالأمس، أصبحت أخافه اليوم، وهل هذا متعلقا بالحيوانات فقط؟! أم أنه يمتد ويتسع حتى يصل إلى معظم الأحداث في حياتي حتى يتحول إلى قلق لا نهاية له؟!

قررت الشمس أن تهدئ من سعيرها بعد الساعة الرابعة، فساعات وتوشك على المغيب، فكان ذلك وقتا مناسبا لاستقل مركبا في النيل، حيث الطبيعة الخلابة والهدوء وجمال النيل لتكون تلك النزهة النيلية خير ختام لذلك اليوم الجميل.

بقلم: ريم السباعي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى