كاتب ومقال

كلمة ورد غطاها| محدش مرتاح

“محدش مرتاح” هذه العبارة الشهيرة التي قرأناها كثيرًا على ظهور التاكسيات والتكاتك وعربات النقل، والتي انتقلت إلى شبكات التواصل الاجتماعي، فعلى مستخدموها يقولون “يا بختك يا محدش”، عادت تلك العبارة لتدور في ذهني بعد فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بولاية جديدة، مكتسحًا منافسته الضاحكة كاملا هاريس، وظهور رجل الأعمال عملاق التكنولوجيا إيلون ماسك بجانبه كثيرًا. ثم سرعان ما أعلن الرئيس عن اختيار إيلون ماسك لإدارة وزارة جديدة اسمها “الكفاءة الحكومية” (Department Of Government Efficiency) أو اختصارًا D.O.G.E، مع رجل الأعمال فيفيك راماسوامي ذي الأصول الهندية.

إيلون ماسك من مواليد 1971، وفيفيك من مواليد 1985، أما دونالد ترامب فمن مواليد 1946. ولهذه التواريخ دلالة كبيرة، فإن كان العامل المشترك بين الثلاثة أنهم رجال أعمال، فإن حاجز السن أو الفروق العمرية تتلاشى عندما تجتمع العقول وتتوحد الغايات.

عودة إلى الغرض من تلك الوزارة كما أعلن إيلون ماسك، فإنها ببساطة ستعمل على تقليص البيروقراطية الحكومية والإجراءات العقيمة الطويلة، وربما تلجأ إلى التخلص من بعض الموظفين، ويقينًا فإن ذلك سيتم من خلال إدخال المزيد من التكنولوجيا، وخاصة الذكاء الاصطناعي، فالعصر الحالي هو عصر الذكاء الاصطناعي لمن أراد أن يتقدم وأن يتميز، عصر الميكنة والتحول الرقمي، ولّى بالفعل، ولذلك فإن تلك الوزارة الجديدة ستكون بداية قوية لهذا العصر.

وهنا قد يسأل البعض: هل توجد بالفعل بيروقراطية في النظام الحكومي الأمريكي، ذلك النظام الذي يعمل دائمًا بأسلوب أفضل الممارسات (Best Practices) ويقوم بتطوير نفسه والتحسين المستمر من خلال التغذية العكسية، والاعتماد على دراسة وتفعيل الدروس المستفادة، والاستماع إلى آراء العملاء والمستفيدين، وكذا أيضًا مراقبة المنافسين والأنماط الجديدة؟

والحقيقة أنه بالرغم مما سبق، الذي يعتمد كله على العامل البشري، فإن إدخال أو استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي ستعطي نتائج جديدة أكثر إبهارًا وكفاءة، وهنا نجد أن الصراع بين العقل البشري وبين الذكاء الاصطناعي ليس على مستوى قدرة الذكاء الاصطناعي على التفكير بصورة أفضل، ولكن لقدرتها الفائقة على تحليل هذا الكم المهول من المعلومات والبيانات، وكفاءة العمليات والتخطيط والمتابعة والتقييم، وقياس فاعلية الخطط وقياس الأثر، والتنبؤ الدقيق بالمستقبل، والقدرة والمرونة على تغيير الاستراتيجيات والخطط والتكتيكات والمستهدفات أيضًا بناءً على المستجدات.

تجربة يتطلع إليها العالم كله، المتخصصون في الذكاء الاصطناعي، والحكومات الأخرى الصديقة والمنافسة، كما يتطلع إليها خبراء الإدارة والتخطيط الاستراتيجي وخبراء الجودة، ولذلك، أتمنى لها النجاح والانتشار، فالبيروقراطية تترقب وتنتظر الإخفاق لتتوحش أكثر وتقوم بافتراس كافة المتعاملين معها بلا رحمة.

بقلم
المهندس زياد عبد التواب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى