كاتب ومقال

رؤى التحول الاقتصادي والطاقة| صناعة المستقبل.. من البيروقراطية إلى الإنجاز الحقيقي

لم يكن من السهل على أي دولة أن توازن بين التنمية الاقتصادية وحماية الصناعات المحلية. ولكن مع إصرار الدولة على إحياء وتطوير الصناعة المصرية، بدأنا نرى تغيرا ملموسا في هذا المجال. الدولة أدركت منذ سنوات أهمية الصناعة كأداة رئيسية لدعم الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل مستدامة وهو ما يعكسه التحرك الجاد في السنوات الأخيرة لتطوير بيئة العمل الصناعية وتشجيع الاستثمارات المحلية والدولية.

أولى الخطوات التي اتخذتها الدولة كانت تحريك عجلة الإصلاح التشريعي، وهو ما يساهم في القضاء على البيروقراطية التي كانت تعد واحدة من أكبر المعيقات أمام تطور الصناعة. تفعيل المنظومات الإلكترونية ، التي تهدف إلى تسريع الإجراءات وتسهيلها على المستثمرين والصناع، كان بمثابة نقطة تحول جذرية، فبدلا من الانغماس في الإجراءات المعقدة أصبح هناك اهتمام متزايد بتقديم حلول عملية وسريعة. هذه التغيرات بدأت تُظهر نتائجها عندما انطلقت العديد من الشركات العالمية لتدشين استثمارات في مصر مدفوعة بسياسات الدولة الجديدة التي تضمن بيئة استثمارية ناضجة ومستقرة.

من أبرز اللاعبين في هذا المشهد يأتي دور الحكومة خاصةً وزارة الصناعة والنقل بقيادة الفريق كامل الوزير التي تابعت عن كثب تنفيذ المشروعات الصناعية الكبرى. ولا يخفى دور رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي في متابعة المشاريع الحيوية وزياراته الميدانية للمصانع، التي أعطت دفعة قوية لسير العمل على أرض الواقع. هذه الجهود أسهمت في جذب العديد من الاستثمارات، خاصة في الصناعات الثقيلة والصناعات المغذية التي تعد حجر الزاوية في دعم التصنيع المحلي.

إن نجاح ملف الصناعة في مصر يعود بشكل أساسي إلى التوجيه الاستراتيجي الذي تقوم به الحكومة إضافة إلى المتابعة المستمرة والتنسيق بين مختلف الجهات. كما أن العمل الجاد على تطوير شركات قطاع الأعمال العام كان له دور بالغ الأثر في هذا النجاح. على سبيل المثال العودة القوية لقطاع الغزل والنسيج كانت مفاجأة إيجابية، حيث تم ضخ استثمارات كبيرة لتحسين جودة الإنتاج وتطوير البنية التحتية. كذلك إحياء مصانع النصر للسيارات شكل نقطة فارقة في الصناعة المصرية حيث تم التأكيد على أن مصر قادرة على إحياء الصناعات القديمة والتوسع في صناعات جديدة.

النمو في قطاع الأعمال لم يقتصر على جانب استعادة المصانع القديمة فقط، بل كان هناك اهتمام أيضا بتطوير الصناعات المغذية وتحديث خطوط الإنتاج لتلبية احتياجات السوق المحلي والدولي. هذه الجهود المتواصلة من جانب وزير قطاع الأعمال العام المهندس محمد شيمي كانت محورية في تحفيز الإنتاج المحلي وجذب الاستثمارات الأجنبية.

اليوم تُظهر النتائج أن هناك بداية لمرحلة جديدة من النهضة الصناعية التي تقودها الدولة المصرية. بفضل التحولات التي تم إحداثها في البيئة التشريعية والبنية التحتية، أصبحت الصناعة المصرية أكثر قدرة على المنافسة في الأسواق الدولية. كما أن هناك تحولا جذريا في طبيعة الصناعات المصرية التي بدأت تشهد تنوعا كبيرا في مجالات مختلفة من السيارات، إلى الأدوية، إلى المنسوجات، وكلها قطاعات تحظى بفرص واعدة على المستوى الدولي.

لا شك أن المستقبل يحمل في طياته الكثير من الأمل، فالخطوات التي اتخذتها الدولة في السنوات الأخيرة لا تشير فقط إلى تحسين الوضع الراهن.بل إلى بناء صناعة قوية تستطيع مواجهة التحديات المستقبلية. فقد أصبح قطاع الصناعة بمثابة ركيزة أساسية للاقتصاد المصري، وفي الوقت نفسه أصبح الخيار الأمثل لدعم وتطوير الصناعة الوطنية وتحقيق الاكتفاء الذاتي.

بقلم:
شحاتة زكريا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى