قهوة العلوم

هل تعرف السر الذي جعل د.مجدي يعقوب يتخصص في أمراض القلب؟.. تفاصيل مدهشة

في غرفة شبه مظلمة يتردد فيها طنين الأجهزة، ويتوسطها سرير أبيض يلتف حوله أطباء ذوي رداء أزرق، ليصدر الباب صوتًا يعلن عن دخول أحدهم، رجل ذو قلب ملائكي، عظيم في هيبته ودوره، ليهرول مسرعًا نحو ذلك الطفل الذي يرقد على سرير العمليات بين الحياة والموت، مريض القلب الذي عجز الأطباء عن شفائه، ليتدخل هو بسحره الخاص وعلمه المذهل نحو قلب الصغير، ليلعن بعد ساعات دامت طويلًا أنه لازال على قيد الحياة، لتحلق عائلة الطفل المريض في سماء السعادة، حيث أضاف ملك القلوب وروح الإنسانية د. “مجدي يعقوبسحره المذهل على قلب الطفل.

ماذا لو كان الموت هو الدافع وراء النجاح؟

منذ صغر الدكتور يعقوب كان يحلم بأن يصبح جراحاً للقلب، ولكن ذات يوم حدث ما عزز داخله تلك الرغبة العظيمة.

عندما رحلت عمته أثناء عملية ولادة طفلها بسبب مشكلة قلبية، على الرغم من أنها كانت في العشرينات من العمر، الأمر الذي كان دافعًا قويًا لأن يصبح دكتور مجدي يعقوب أعظم كبار الجراحين في مصر والعالم من أجل انقاذ حياة المرضى.

ليرحل من محافظة الشرقية التي شهدت ميلاده في 16 نوڤمبر عام 1935، إلى جامعة شيكاغو في الولايات المتحدة، بعد تخرجه من كلية الطب جامعة القاهرة عام 1957.

ليغادر مجددًا عام 1964 نحو رحلة الشفاء والأمل في أفضل مستشفيات بريطانيا وهي مستشفى الصدر في لندن، ليبدأ حياته المهنية ببلد اعتبرها موطنه الآخر رُغم اختلاف الثقافات والشعوب.

اقرأ أيضًا: تعرف على العالم “ابن النفيس” مكتشف الدورة الدموية الصغرى

رحلة الدكتور يعقوب نحوملك القلوب“:

ذاع صيت د. مجدي يعقوب عام 1974، حيث اعتبر أول طبيب أجرى جراحة القلب المفتوح في نيجيريا، حيث رافقه طاقم من الجراحين البارزين حول العالم.

شهدت لندن على رحلة نجاحه الباهرة، ففي عام 1980 أصبح دكتور يعقوب رئيس برنامج زراعة القلب في مستشفى هارفيلد في لندن.

ليتوج عام 1980 بإنجاز عريق، حيث قام الدكتور يعقوب بإجراء عملية نقل قلب للمريضدريك موريس، الذي أصبح بدوره أطول مريض عاش بقلب منقول في أوروبا حتى وفاته في يوليو 2005.

لتتعدى حصيلة عمليات زراعة القلب الجراحية  التي قام بقى هو وفريقه ما يقرب من ألفي عملية، الأمر الذي جعل مستشفى هارفيلد المركز الرئيسي لزراعة الأعضاء في المملكة المتحدة.

وصولًا إلى عام 1986، لتبدأ محطة جديدة فارقة في حياة الدكتور يعقوب في لندن، حيث تم تعيينه أستاذاً في المعهد الوطني للقلب والرئة في جامعة إمبريال كوليدج في لندن.

بعد سنوات قليلة منحته ملكة بريطانيا  إليزابيث الثانيةلقب سير عام 1991، تعبيرًا عن تقديرها العظيم لإنجازاته المذهلة في مجال الطب، كما لقب بملك القلوب، ومنحه أيضًا وزير الصحة البريطاني عام 1999 جائزة الأداء المميز نظرًا لإنسانيته وإسهاماته الجليلة في مجال الجراحة والطب.

اقرأ أيضًا: اكتشفوا أنه امرأة بعد وفاته.. ما السر وراء إخفاء كبير جراحين بريطانيا “جيمس باري” حقيقته؟!

تقنيات جراحية أنقذت العالم:

حاز الدكتور يعقوب على لقب إحدى رواد جراحة القلب في العالم، حيث طور تقنيات جديدة مبتكرة في مجال جراحة القلب، لهؤلاء المرضى الذين يعانون من مشاكل قلبية عند الولادة التي قد تسبب أزمات حادة تصل إلى الوفاة أحيانًا.

بالإضافة إلى تقنيات بارزة أخرى، مثل تبديل الأوعية القلبية للأطفال حديثي الولادة بعيب خلقي في القلب، كما حقق نجاحًا ساحقًا في عملية صنع أجزاء جديدة من القلب بواسطة الخلايا البشرية ليحدث بذلك طفرة في مجال الطب والجراحات القلبية.

حيث قام بتطوير صمام للقلب باستخدام الخلايا الجذعية، ليسمح هذا الاكتشاف باستخدام أجزاء من القلب تمت زراعتها صناعيًا في غضون ثلاثة أعوام.

قام الدكتور يعقوب بعملية زرع قلب لرجل إنجليزي يدعىجون مكافيرتيليدخل بدوره موسوعة جينيس بسبب تلك العملية الجراحية، حيث اعتبر أطول شخص يعيش بقلب منقول، وذلك لمدة 33 عام حتى توفى جون في 2016.

مجدي يعقوب

من التقاعد إلى الإنسانية:

عام 2001 أتتم دكتور يعقوب 65 عامًا، فاعتزل إجراء عمليات القلب الجراحية، وقرر أن يستمر كاستشاري لعمليات نقل الأعضاء.

لتحول الإنسانية بينه وبين قراراه في عام 2006، حيث قاد عملية معقدة جدًا لطفلة، من أجل إزالة قلب مزروع بعد شفاء قلبها الطبيعي.

لطالما كان الدكتور يعقوب كبير جراحي القلب، ففؤاده يحمل من الرقي والإنسانية ما يجعله ذات روح ملائكية ساحرة، فقبل سنوات طويلة قام بإنشاء منظمةسلسلة الأملالخيرية التي أسسها عام 1995، والتي تهتم بالأطفال في مناطق الصراعات في الدول النامية، الذين يعانون من أمراض قلبية حيث لا سبيل للرعاية الصحية لهم، الأمر الذي جعله يكرس وقته ومجهوده من أجل تلك المنظمة ذات الهدف السامي المؤثر.

وصولاً إلىمؤسسة مجدي يعقوب للقلبلمعالجة الأطفال المصابة بأمراض قلبية الداعمة لمركز أسوان للقلب الذي تم افتتاحه في عام 2009.

حصل دكتور مجدي يعقوب على زمالة كلية الجراحين الملكية في لندن، بالإضافة إلى عدة ألقاب وأوسمة من أكبر الجامعات العالمية من بينها جامعة برونيل، جامعة كارديف، وجامعة لوفبرا، كما أن له كراس شرفية في جامعة لاهور في باكستان وجامعة سيينا بإطاليا.

يوم 6 يناير 2011 حصل الدكتورمجدى يعقوب” على وسام قلادة النيل العظمى من الرئيس السابق حسني مبارك، نظرًا لجهوده العظيمة والبارزة في مجال جراحة القلب، كما حصل عام 2014 على وسام الاستحقاق البريطاني من الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا.

الدكتور مجدي يعقوب هو أسمى مثال للعطاء والإنسانية، كرس حياته من أجل الطب، وأنقد حياة آلاف المرضى والمصابين، ليترك بصمة مؤثرة في قلوب البشر حول العالم، ويعيد روح العائلة بإنقاذ أحد أفرادها ليعود للحياة من جديد.

اقرأ أيضًا: “توحيدة عبد الرحمن” .. تعرف على الطبيبة الأولى في تاريخ الحكومة المصرية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى