جائزة نوبل الأشهر في العالم، التي منحت على مدار عقود طويلة، لمن أسهم بإنجازات عظيمة في مجالات الأدب والاقتصاد والطب والعلوم والسلام، كانت ديناميت يسبب كوارث لا حصر لها ويهدد أمن العالم، حتى قرر مخترعها ألفريد نوبل أن يدعو العالم للسلام.
الكيميائي ألفريد نوبل
كان ألفريد نوبل مخترع ومهندس سويدي، اشتهر حول العالم بعشقه لاختراع المواد المتفجرة والديناميت، حيث سجل 355 براءة اختراع على مدار حياته بأكملها، حتى لقب “بتاجر الموت“، الأمر الذي راق له في بداية الأمر لكنه كان السر وراء “جائزة نوبل للسلام“.
عشق نوبل دراسة الكيمياء منذ صغره، بالتحديد عندما انتقلت عائلته للعيش في روسيا بدلًا من السويد، ليرحل هو بدوره من جديد إلى الولايات المتحدة الأمريكية عندما بلغ 18 عامًا، وبعد أن تيقن من شغفه وقرر ملاحقته، عاد إلى روسيا مجددًا من أجل البدء في صناعة المعدات العسكرية في المصنع الذي يملكه والده الذي كان يعمل بدوره في تصنيع المتفجرات.
لكن الأمر لم يدم طويلًا، حيث أعلنت شركة والده إفلاسها، لتعود العائلة إلى أرضها ووطنها “السويد” مجددًا، ولكن نوبل لم يتخلى يومًا عنشغفه وأحلامه، الأمر الذي جعله يستمر في دراسة المتفجرات، ولكن توصل الأمر إلى كارثة أودت بحياة أحد أفراد عائلته.
ففي إحدى الأيام بالتحديد عندما كان عمر نوبل 29 عامًا، حدث انفجار ضخم مأساوي بسبب تجارب نوبل، حيث كان الأخير يقوم بتصنيع مادة خطيرة شديدة الانفجار، الأمر الذي تسبب في وقوع حادثة مروعة راح ضحيته خمسة أشخاص من بينهم إيميل الأخ الأصغر لنوبل.
لكنه لم يتوقف عن الاستمرار نحو تصنيع المتفجرات، لكنه استعان بمادة أكثر أمانًا وأقوى من البارود، حتى وصل إلى صنع الديناميت الذي استخدم في المناجم، ثم سجل براءة اختراعه، حتى عمل بعد ذلك على تطوير تلك المواد المتفجرة خطوة تلو الأخرى، حتى أصحبت أكثرسهولة وأمانًا وحصل على براءات اختراع تلك المواد.
“إن كان لدي ألف فكرة وأتضح أن واحدة جيدة فقط، فسأرضى بذلك“.
ألفريد نوبل
اقرأ أيضًا: هل تعرف السر الذي جعل د.مجدي يعقوب يتخصص في أمراض القلب؟.. تفاصيل مدهشة
“نوبل” من الديناميت إلى السلام
فذلك الكيميائي ألفريد نوبل الذي ولد في مدينة استوكهولم في السويد عام 1833، عمل على تصنيع عدد ضخم ومهول من المتفجرات والذخائر باعتقاده أنه بذلك يفيد العالم، الأمر الذي حقق ثورة له ثورة عظيمة، حتى أصبح من أغنى الشخصيات في العالم آنذاك.
ولكن كيف تحول الأمر من الديناميت والمتفجرات إلى جائزة نوبل للسلام؟
شهد عام 1888 وفاة “لودفيغ” شقيق نوبل، ولكن حدث خطأ غير مقصود أثناء إذاعة خبر الوفاة، لكنه كان السر وراء جائزة نوبل للسلام، ففي ذلك الوقت كان ألفريد نوبل يعيش في فرنسا، فقامت جريدة فرنسية بنعي ألفريد بدلًا من شقيقه لودفيغ، ولكن لم تكن الصدمة والمأساة في ذلك الأمر وإنما نعته الجريدة بعنوان “وفاة تاجر الموت” نسبة لاختراعات الديناميت والمتفجرات التي اشتهر بها.
الخبر الذي لقي صداه ألم وحسرة في قلب نوبل، لأنه أدرك أخيرًا أن العالم ينظر إليه أن اختراعه يدمر البشرية وأنه ليس مفيدًا كما كان يظن، وهذا ما لم يستطع تقبله أبدًا.
الأمر الذي دعاه إلى استغلال أموال المتفجرات والديناميت، لصنع جائزة “نوبل للسلام” لتكريم شخصيات عظيمة، قدمت إنجازات علمية في مجال الفيزياء، الكيمياء، الطب، الآداب وأيضًا العاملين من أجل السلام.
لينظر إليه العالم نظرة فخر واعتزاز، حتى بعد وفاته فاعتبرت جائزة نوبل هي الأهم حول العالم، وخلدت أسماء عظماء غيروا مجرى العلم، وأعادوا كتابة التاريخ، كما أسس المصرف المركزي السويدي جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1968 تكريمًا لألفريد نوبل.
اقرأ أيضًا: اكتشفوا أنه امرأة بعد وفاته.. ما السر وراء إخفاء كبير جراحين بريطانيا “جيمس باري” حقيقته؟!
جائزة نوبل للسلام
تمنح جائزة نوبل لشخصيات قدموا إنجازات فارقة من قبل مؤسسات سويدية ونرويجية، كما تسلم سنويًا في يوم 10 ديسمبر، الذي يوافق ذكرى وفاة “ألفريد نوبل“، فجائزة نوبل للسلام تسلم في مدينة أوسلو، بينما الجوائز الأخرى في مدينة ستوكهولم، كما يشرف على تسليمها ملك السويد، وأول جائزة نوبل تقدم في العالم، كانت لهنري دوناننت الذي شارك في تأسيس الصليب الأحمر عام 1901.
فحتى عام 2019 حصل على جائزة نوبل منذ البداية 27 منظمة و 908 شخصًا، فالفائز يحصل على ميدالية ذهبية وشهادة، بالإضافة إلى مبلغ معين من المال تحدده موسسة نوبل.
فهي تقدم من أجل ترسيخ قواعد السلام بين البشر بعيدًا عن المنازعات والحرب، ولا تقدم تلك الجائزة لأي شخص متوفى، بالإضافة إلى أنه من الممكن أن يتم ترشيح نفس الشخص أكثر من مرة.
فأكبر شخص حصد هذه الجائزة هو “ريموند جونيور“، عن عمر يناهز 88 عامًا، أما أصغر شخصية فكانت “ملالا يوسف“، وهي فتاة باكستانية حصلت على جائزة نوبل وهي تبلغ من العمر 17 عامًا، بسبب نشاطها ضد حركة طالبان.
أما مصر فهي أكثر دولة عربية حصل ا أبناؤها على جوائز نوبل، فقد حصل عليها الرئيس الراحل أنور السادات، الدكتور محمد البرادعي في السلام، والكاتب العظيم نجيب محفوظ في الأدب، بالإضافة إلى العالم أحمد زويل في الكيمياء.
فلم يغادر ألفريد نوبل وقد اخترع الديناميت فقط، إنما رحل عن عاملنا تاركًا إرثًا إنسانيًا ما زال صداه يتردد في العالم حتى هذه اللحظة، إرثًا يقدر العلماء والعظماء، يمنحهم الامتنان والشكر ولقب مؤثر يخلد في مسيرتهم المهنية أبد الدهر.
اقرأ أيضًا: فاروق الباز.. “شرقاوي في ناسا”