شارع الميديامنوعات

وداعا “نبيل فاروق”.. انتهت مهمة “رجل المستحيل”

اليوم فقدت شجرة الأدب غصنا من أغصانها، انتهت مهمة رجل المستحيل، ليترجل أديبنا الكبير “نبيل فاروق”، بعد أن ترك لنا إرثا ثقافيا يكفي لأجيال وأجيال.. فتهاوى الجدار وجف النبع الذي كنا ننهل منه، وكأن 2020، يأبى إلا أن يكون عام الحزن.

في رحاب مدينة “طنطا”، بما تشهده من زخم ثقافي، بدأت الرحلة بميلاد العبقري “نبيل فاروق”، ومنذ نعومة أظفاره بدت علامات النبوغ الأدبي، ففي صحيفة المدرسة كانت البداية، وخلال المرحلة الثانوية فاز بجائزة قصر الثقافة فى طنطا عن قصة “النبوءة”، والتي نشرت فى أول عدد من سلسلة كوكتيل 2000.
لم يمنعه التفوق الأدبي أن يتفوق في دراسته العلمية، فتخرج في كلية الطب عام 1980.

وانتقل بعدها للعمل ممارسا عاما في الوحدة الصحية بقرية أبودياب شرق، التابعه لمركز دشنا محافظة قنا وتقع هذه القرية بحاجر الجبل، قرية لها الكثير من العادات والتقاليد، وفى الوقت نفسه كانت المؤسسة العربية الحديثة للنشر فى بدايتها.

وقتها أعلن صاحبها، الأستاذ “حمدي مصطفي” عن مسابقة أدبية لنشر الثقافة بين الشباب، وهنا ظهر أحد أصدقاء د.نبيل فاروق ليرسل إحدى القصص دون أن يبلغ د.نبيل بذلك، وكانت المفاجأة أن تلك القصة “أشعة الموت” حصدت المركز الأول، لتصبح أول عدد من سلسلة “ملف المستقبل”.

يعد “فاروق”، بلا مبالغة هو رائد الأدب البوليسي والخيال العلمي في مصر والوطن العربي، ليساهم فى تشكيل وعي أجيال ممتدة، ويسرح بها في خيالات لا تنتهي من الإثارة والخيال والغموض.

كنا نحبس أنفاسنا في كل مغامرة، نترقب المشهد التالي، تتسارع دقات قلوبنا، نعيش خيوط المغامرة، ننتظر نجاة البطل، وكأنه أحد أقاربنا، لنعيش مع سلسلة حكايات امتدت لما يزيد عن ربع قرن من الزمان.

كتب “فاروق” أكتر من 500 عدد في سلاسل أدبية متنوعة غير المقالات المختلفة في الصحف المصرية والعربية، ليسهم في تربية عقول ملايين الشباب على حب بلدهم.

“نبيل فاروق” اسم عظيم وكان من خلال كتاباته مسؤول عن تنشئة جيل كامل من الشباب فى أواخر الثمانينات، وأوائل التسعينات على الرجوع لحب القراءة.. التقيته خلال المؤتمر الأول لوسائل التواصل الاجتماعي، وكانت رؤيته أن فراغ الساحة من الأعمال الأدبية الملهمة يترك الفرصة للأعمال الغربية بتحررها الذي لا يناسبنا، ولذلك كانت فكرة سلسلتا “ملف المستقبل”، “رجل المستحيل” والبطل “أدهم صبري”

بعد نجاح السلسلتين تفرغ “د.نبيل” بشكل كامل للكتابة وترك مجال الطب، وبدأت إبداعاته تتوالي، ومنها “كوكتيل 2000″، و”زهور”، و”زووم”، و”فارس الأندلس”، وغيرهم.

رحل د.نبيل فاروق عن عالمنا اليوم، إثر أزمة قلبية عن عمر يناهز 64 عامًا، نتيجة أزمة قلبية مفاجئة.. ليترك كمدا في صدر محبيه، وفراغا كبيرا، يحتاج لسنوات وسنوات حتى نجد من يحاكي براعته في السرد وزخم المعلومات في حكاياته.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى