قهوة العلوم

هل التلوث الضوئي يهدد الحياة على كوكب الأرض؟

دائمًا كلمةالتلوثهي أكثر ما يقترن بالبيئة بالتحديد في الآونة الأخيرة وفي ظل التغير المناخي الذي يشهده العالم أجمع، لكننا منذ الطفولة اعتدنا أن التلوث يتعلق بالجو واستخدامات الإنسان الخاطئة للبيئة والاحتباس الحراري، وآخر يتعلق بالأحياء البحرية والبلاستيك والزراعة، لكنك هل سمعت يومًا يا عزيزي عن نوع آخر من التلوث يطلق عليهالتلوث الضوئي؟ وهل يؤثر ذلك على البيئة والإنسان؟ دعني أخبرك في السطور التالية.

التلوث الضوئي:

في الواقع إن أغلب الناس يعشقون الإضاءة العالية ولا يمكنهم التواجد في أماكن ذات إضاءة منخفضة، وهذا بالتحديد هو مفهوم التلوث الضوئي، الذي يعني وجود ضوء صناعي مفرط في البيئة الليلية بسبب غياب مصدر الضوء الطبيعي، لكن الأمر يحدث بكثرة في في المدن الحضرية، إن أول ما يجول في خاطرك هي إضاءة الشوارع وقد تتساءل هل بإمكان أعمدة الإنارة أن تسبب التلوث الضوئي؟

للأسف إن الإجابة نعم، فأضواء الشوارع التي تساعدنا على المرور ليلًا والتي نعتقد أنها أمر إيجابي يعود علينا بالنفع، فهي للأسف أكبر مصدر للتلوث الضوئي، بالإضافة إلى كهرباء المنازل والمكاتب ولوحات الإعلانات والمصابيح الأمامية للسيارات وكغيرها، ولكن هل تعلم أن التلوث الضوئي يزداد سنويًا بنسبة 2%؛ أي ضعف معدل تزايد النمو السكاني؟، لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد.

فبسبب الإضاءة الليلة أصبح من الصعب على علماء الفلك مراقبة السماء ليلًا، لأنك ببساطة تلك الإضاءة المفرطة تقلل من رؤيتهم للنجوم والأجرام السماوية، لأن تلك الإضاءة المنعكسة عن طريق  الجسيمات الصلبة في الغلاف الجوي تعود إلى الأرض، الأمر الذي يقلل فرصة رؤيتهم للسماء بشكل طبيعي.

التلوث الضوئي

ولكن هل تعتقد أن ذلك الأمر الذي نقول عنه أنه أمرًا طبيعي أصاب سكان لوس أنجلوس برهبة غير مسبوقة؟

فقبل خمسة وعشرين عامًا انقطع التيار الكهربائي عن لوس أنجلوس بسبب هزة أرضية عابرة، الأمر الذي جعل المدينة يخيم عليها ظلام دامس دون أن مصدر للإضاءة، فعندما حدث ذلك هرول الجميع إلى الشرفات من أجل الاستفهام عما حدث، حتى تفاجيء سكان المدينة أن هناك سحابة فضية اللون ضخمة تسيطر على السماء، ولأن الأمر كان غير مسبوق، ظن البعض أنهم داخل إحدى أفلام الرعب الأمر الذي أصابهم بذعر غير معهود.

لكن في الحقيقة كان الأمر ساحرًا أكثر مما قد يتخيل أحد، فبسبب ذلك الظلام الذي حل بالمدينة لم يعد هناك أضواء موجهة للسماء، فأصبحوا دون وعي منهم يشاهدون درب التبانة لأول مرة في سماء الليل؛ فذلك الجمال الخلاب أهاب سكان المدينة، بسبب استخدامهم الدائم للأضواء الصناعية، هل تتخيل حجم الكارثة التي يعاني منها العالم يا عزيزي؟

ولكن من ناحية أخرى، هل تعتقد أن التلوث الضوئي يؤثر على الإنسان والبيئة؟

التلوث الضوئي

اقرأ أيضًا: ما هي القصة وراء الشهب في السماء؟ هل ستتحقق أمنياتك حقًا؟!

تأثير التلوث الضوئي:

قد تتساءل أحيانًا لماذا قد تعاني من الأرق على الرغم من أنك لست من مدمني التفكير أو الكافيين وأنك بالفعل مهلك جسديًا فما إن تضع رأسك على الوسادة ستغرق في نوم عميق، الحقيقة إن الإجابة تكمن في كلمة بسيطة وهيالضوء، لأن ببساطة هناك علاقة غير مرئية بين الإضاءة وجسمك، فدرجة ذلك الضوء هي من تخبرك متى يجب أن تخلد إلى النوم ومتى عليك أن تستيقظ، وهذا يعني الليل والنهار بشكل طبيعي.

لكننا في الواقع أصحبنا نعرض أنفسنا للضوء بشكل دائم داخل المنزل وخارجه وبالتحديد مصابيح الليد والهواتف الذكية والحواسب والتلفزيون، الأمر الذي جعل جسدك يحدث فيه خلل ما في دورة النوم، فعندما تتعرض إلى إضاءة ساطعة في ساعات ما قبل النوم، يؤدي هذا الأمر إلى تقليل تدفق هرمونالميلاتونين“.

الذي يساعد بدوره على تنظيم دورات النوم والاستيقاظ، فأحيانًا قد تشعر أنك حقًا تود النوم ولكن عقلك مستيقظ بشكل أو بآخر، فهذا يحدث بسبب نقص ذلك الهرمون، الأمر الذي يجعلك تنام بشكل متقطع وتعاني من الأرق، الأمر الذي يؤثر بشكل كبير على حالتك المزاجية ويزيد من خطر تعرضك للاكتئاب والسكري وأمراض القلب.

لم  يتوقف الأمر على صحة الإنسان فقط، فالإضاءة الخارجية الساطعة المنبعثة من الشوارع بكل ما تحمله، تضر الحيوانات والنباتات وكذلك علماء الفضاء، فالأمر الذي لا يعرفه الكثير أن الإضاءة الصناعية تؤدي إلى لاضطراب دورات تزاوج عدد كبير من الحيوانات وكذلك دورات هجرتها، فعلى سبيل المثال قد تشاهد في عدد من الأفلام الوثائقية التي تحاكي الطبيعة، قد تجد أن صغار سلحفاة البحر بعد خروجها من البيض، تذهب باتجاه المدينة وليس البحر، بسبب الأضواء الكثيرة التي تجذبها، الأمر الذي يؤدي إلى افتراسها، وبمرور السنوات سيساهم ذلك الأمر في انقراض سلحفاة البحر.

التلوث الضوئي

اقرأ أيضًا: من الاحتباس الحراري إلى التطرف المناخي.. هل أصبح الإنسان عدوًا للبيئة؟

تقليل الثلوث الضوئي:

إن عملية تقليل التلوث الضوئي لا تتوقف على شخص واحدًا، وإنما على الدولة أن تتكاتف جميعها من أجل القضاء على ذلك التلوث الخبيث حفاظًا على البيئة وعلى صحة الإنسان، وكذلك التقليل من خطر انقراض الحيوانات، ولكن كيف يمكننا الحد من هذه الأزمة؟

1- تجنب إدخال الإضاءة إلى المناطق المظلمة من الأساس، وإضاءة الأماكن الضرورية فقط.

2- أن تكون الإضاءة بأقل كثافة ممكنة للاستخدام، واستخدامها عند الحاجة.

3-استخدام الأضواء المغطاة وتوجيهها للأسفل قدر الإمكان.

4- التحكم في مقدار السطوع، وبمدة الإضاءة عن طريق المخفتات، حسّاسات الحركة والموقّتات.

5- استخدام الإضاءة الأكثر حرارة، مثل الأضواء البرتقالية بدلًا من الضوء البيضاء.

التلوث الضوئي

اقرأ أيضًا: ماذا لو حلم السفر عبر النجوم أصبح حقيقة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى