ليس هناك أحد منا لا يعاني أو عانى من “الأوفر ثينكينج” أو التفكير المفرط، فقد مرت ليال طويلة علينا لا نستطع النوم فيها وغلب الأرق لحظاتنا، فالبعض يلازمه ذلك الاضطراب على الدوام حتى في الأمور البسيطة، وآخرين يصبح زائرًا ثقيلًا عليهم، يزيد من همومهم ومشكلاتهم إلى حد لا يحتمل، وبالتحديد من النساء والفتيات.
قد تظل ليالي طويلة تحلل أحداثًا معينة وتتمنى أخرى، تؤرقها لحظات مؤلمة حتى يقتل القلق خلايا الدماغ ببطء شديد، فرغم معرفتها أن الأمر لن يمضي بكثرة التفكير والتأنيب والتخطيط، إلا أن الأمر ليس بتلك السهولة، فالإقلاع عنه يكاد يشبه الإدمان إلى حد كبير، ويبقى السؤال: هل نسلم أنفسنا لتلك العادة القاتلة أم ماذا نفعل؟
“الأوفر ثينكينج” رحلة نحو الجنون:
الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل..
لماذا فعلتُ ذلك، كان يجدر بي الرد هكذا أنا حقًا سيئة جدًا.
ماذا لو تم استبعادي من العمل، من أين سأحصل على نفقات أسرتي هل سنموت جوعًا؟
غدًا عليّ أن أقدم فكرة المشروع جديد، هل سأفشل؟ بالتأكيد فأنا لا أعلم كيف سأفعل ذلك؟
هل يحبني أم أنه يصطنع ذلك؟ هل سننفصل حقًا؟
أنا لست صديقة جيدة، أشعر وكأن العالم أجمع ضدي، لماذا أنا وحيدة إلى هذا الحد؟
أنا فاشلة.. لم أنجح في أي شيء في حياتي، مرت سنوات طويلة من حياتي دون جدوى خسرت كل شيء.
هل سأظل مريضة؟ أنا خائفة من ألا أتجاوز تلك المرحلة، بالتأكيد سيحدث شيء ما.
تلك العبارات السابقة تهدد صحتك العقلية يا عزيزتي إن لم تدركي ذلك، فأغلبية النساء يعانين من الأوفر ثينكينج بشكل يومي، حتى توشكن على الجنون أحيانًا وعدم القدرة على التحكم بحياتهن، حتى يتحول الأمر إلى الدخول إلى بوابة الجحيم، إن لم تتوقفي عن الأمر قدرالإمكان حتى يتلاشى مع الوقت.
فالإفراط الزائد في التفكير لا يتوقف على المستقبل فقط مثلما هو شائع، وإنما البعض الآخر يفكر في العيوب والأخطاء، الأمر الذي بدوره قد يسبب لكِ مشاكل نفسية يا عزيزتي لا تلاحظينها إلا بعد أن يتفاقم الأمر ويصبح من الصعب السيطرة عليه، حتى تلجأين إلى الهروب منهاعن طريق شرب الكحول أو تناول الطعام غير الصحي، فهل تصدقين أنه بسبب خيالات قد لا تحدث على الإطلاق، فأنتِ تعانين من اضطراب القلق والتوتر، وصراعات وأعاصير لا تهدأ داخل دماغكِ، حتى يتنابكِ صراخ عالٍ من أجل إسكات رأسك قليلًا عن التفكير.
فحسب الدراسات العلمية أن “الأوفر ثينكينج” يجعلكِ تعانين من قلة جودة النوم، فإذا كنتِ أم فقد يصبح الأمر صعب للغاية بسبب انعدام النوم مع ضرورة الاعتناء بالصغار، كذلك إذا كنتِ امرأة عاملة، فقد تواجهين تلك المشكلة في التركيز في عملك بالشكل المطلوب، الأمر الذي قد يعكر من صفو حالتك المزاجية ومن ثم ينقلب كل شيء حولك نحو الأسوأ.
كما أن “الأوفر ثينكينج” قد جعلك تفقدين الثقة في نفسك بمرور الوقت بسبب انتقادك لنفسك طوال اليوم، فتلك الأفكار السلبية ستجعلك تشعرين دائمًا بالذنب والدونية، ومن ثم فقدانك لسلامك النفسي ثم الابتعاد عن الآخرين شيئًا فشيئًا، لذلك ما هو الحل للتخلص من التفكير الزائد من أجل استعادة روحك وصحتك النفسية والجسدية.
اقرأ أيضًا: هل تشعرين ببوادر اكتئاب؟ إليكِ كيفية كسر روتين يومكِ
كيفية التخلص من “الأوفر ثينكينج”:
1- الاعتراف بالمشكلة:
إن خطوة للعلاج والتخلص من عادة سلبية، هو الاعتراف بوجودها من الأساس وأنكِ تودين حقًا التخلص منها، فمثلما يقول علماء النفس، إن نصف طريق العلاج يكمن في اعترافك بالمشكلة وليس إنكارها والتأكيد أنكِ على ما يرام وليس هناك ما يؤرقك، فتلك الطريقة ليس حلًا مناسبًا على الإطلاق يا عزيزتي، وإنما تصميم لا داعي له قد يصيبك بمشكلات نفسية وجسدية لا حصر لها تؤثر على حياتك بأكملها.
2- هل أنتِ على ما يرام؟
يمكنكِ النظر لذاتك عن كثب ورؤية كيف أثر “الأوفر ثينكينج” عليكِ بشكل سلبي، فقد انتهت طاقتك بالفعل واستهلكت روحكِ، ولكن هل هناك نتيجة لذلك؟، هل تم حل مشكلتك بالتفكير المفرط أو هل أصبحتِ لا تخافين من المستقبل يا عزيزتي؟، بالتأكيد لا فالأمر لم يؤثر على حياتكِ إلاسلبيًا حتى افقدك القدرة على النوم وعيش حياة طبيعية وكذلك التعامل مع الآخرين دون تردد أو انعزال.
3- الانشغال طوال اليوم:
حاولي قدر الإمكان أن تشغلي نفسك طوال اليوم حتى لا يكون هناك متسع من الوقت لكثرة التفكير، كما عليكِ اللجوء إلى الرياضات التي تهدئ أعصابك قليلًا مثل اليوجا على سبيل المثال، لمتليء قلبكِ بالسلام من جديد والتخلص من الطاقة والتفكير السلبي التي تحثك على الأوفر ثينكينج، أو يمكنكِ التنزه برفقة أصدقائك قليلًا والتحدث حول أي شيء من أجل أن يشتت انتباهك، كما يمكنكِ قراءة كتاب ما قبل الخلود إلى النوم لأن من شأنه أن يجعلكِ تنامين بشكل أفضل بكثير بعيدًا عن الأرق الذي يلازم ليلتك.
4- لا تضخمي الأمور:
إن التفكير السلبي قد ينشأ أحيانًا من تضخم الأمور البسيطة، إلى مشكلات معقدة تدعوكِ إلى “الأوفر ثينكينج” على أما التخلص من تلك المشكلة وإيجاد حلول لها ولكن دون جدوى، فرؤية الأمور على نصابها تساعدك تجاوزها بشكل إيجابي دون الحاجة إلى إرهاق ذاتك على الإطلاق.
5- هل الكتابة حل؟
إذا كنتِ تودين التخلص من المشاعر والأفكار السلبية التي تدفعك إلى التفكير المفرط، يمكنكِ إحضار ورقة فارغة وتفريغ ما يحمله قلبكِ على سطورها، ستشعرين أنك في حال أفضل، فكل مخاوفك ومشكلاتك أصحبت أمامك بشكل واضح، من أجل مجابهتها، فستجدين أن البوح بها أراح قلبكِ بشكل لا يوصف، يمكنك تحدي ذاتك والتخلص من تلك المشكلات أو تمزيق الورقة إلى قطع صغيرة للتخلص مما يؤرقكِ.
اقرأ أيضًا: استراحة نفسية لكِ سيدتي بعيدًا عن صخب الحياة