ريم السباعي
ماذا تعني لك مواقع التواصل الاجتماعي؟ هل تمتلك حسابات على فيسبوك، تويتر، إنستجرام، واتس آب، يوتيوب؟ كم عدد متابعيك على تلك المواقع؟ وكم من الوقت تقضي في متابعتها؟ وكم عدد تسجيلات الإعجاب التي تحصدها يوميا؟
نحن نعيش الآن في زمن الانتشار الواسع للإنترنت وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي، فقد أصبحت جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية خاصة في هذه الأيام، حيث تقلص التواصل الاجتماعي الفعلي في المجتمع، وقلت الزيارات واللقاءات بين أفراد العائلة والأصدقاء.
إن مواقع التواصل الاجتماعي تعني للكثير عالم آخر يحيون بداخله، يعبرون فيه عن مشاعرهم في أوقات الفرح، والحزن، وربما الخوف، والمحن، يشارك بعضهم البعض الأفراح والأتراح، ومن الناس من تجده يبحث من خلالها عن أصدقاء جدد من شتى بقاع الأرض، ومنهم من تجده يقتصر تواصله مع أفراد عائلته، وأصدقائه المقربين، ومنهم من يود نشر أفكاره ومشاركة الآخرين فيها.
لكن هل تعتقد أنك تستخدم تلك السبل السريعة في التواصل الإستخدام الأمثل؟! في رأيي لا، فلطالما تحولت هذه المواقع إلى مواقع تباعد اجتماعي لا تواصل، ففي بعض الأحيان تنشب خلافات بين الأصدقاء المقربون حول أسباب لا تستحق الخلاف، وأحيانا تتحول الى قطيعة، فعلى سبيل المثال ينشر أحدهم على تلك المواقع أن ابنه نجح في الامتحان وينتظر تفاعل الأصدقاء مع ذلك المنشور، ويتابع التعليقات، وبعد بضعة أيام يجد شخصا بعينه لم يتفاعل مع منشوره.
هنا يبدأ عقله في التفكير السلبي فيمضي يقول بأنه لا يحب له الخير، أم أنه يتمزق غيظا لنجاح ابنه لذا لم يتفاعل مع منشوره.. وهكذا، ويكون السبب أبسط من ذلك وهو أنه لم يلحظ ذلك المنشور، وأحيانا تجد بعض البشر يجدون في تلك المواقع الساحة الخصبة لترويج الشائعات، أو سب المشاهير والشخصيات العامة، أو الاستهزاء بمنشورات أو تعليقات الآخرين، أو النقد السلبي.
في بعض الأحيان تجد المنشورات بلا فائدة، مجرد سخرية لا قيمة لها، وربما شجار لا داعي لوجوده، أو مجرد أفكار مبهمة تدور في رأس صاحبها فلا يعلم بمعانيها إلا هو.. وهكذا.
لقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي هي المعبر عما يدور بداخل الفرد، فمثلا عندما يكون أحدهم حزينا فبدلا من التوجه إلى الله ورفع أكف الضراعة إليه بالدعاء كي يمحو حزنه، أو حتى التحدث إلى أحد الأشخاص المقربون كي يخفف عنه الحزن، تجده يسر إلى الفيسبوك ويغير صورة حسابه الشخصي إلى صورة سوداء أو صورة تبعث في النفس الكآبة، ويكتب: “أنني حزين” ليخبر متابعيه بحالته النفسية في تلك اللحظة، وغالبا ما ينشب شجار بين صديقين فأول قرار يتخذاه هو أن يحظر كل منهما حساب الآخر، والأسرع في التنفيذ يشعر بالانتصار.
لكن لم تقتصر مواقع التواصل الاجتماعي على السلبيات فقط، بل هناك إيجابيات كثيرة لها، أولها الأسباب التي نشأت من أجلها، فطالما قربت المسافات بين الأفراد وخاصة العائلة والأصدقاء، فقد أصبح بإمكانك رؤية الأشخاص المقربين إليك والتحدث معهم في أي وقت، وبكل سهولة ويسر، بالإضافة إلى متابعة كل ما تحب في شتى المجالات، العلمية، والثقافية، والفنية.
لقد أصبح بإمكانك متابعة فنانيك المفضلين، وتوسيع مداركك الفكرية، وإصقال ثقافتك بكل جديد، ومشاركة أصدقائك ومتابعيك كل ما أعجبك لتعم الفائدة على الجميع، أو ربما تجد من بينهم من يشاركك اهتماماتك، وهنا تأتي القضية الأكثر تعقيدا وهي هل كل ما تتفاعل معه بالإعجاب قد أعجبك حقا؟، وتأتي الإجابة هنا ربما، فلم يعد التفاعل مقتصرا على إعجابك بالشيء، بل أصبح يربطه معيارا آخر وهو المجاملات.
فتجد البعض يتفاعل مع منشورات أحدهم لكي يجامله، فحين يطلب منه التفاعل مع منشوراته فلا يستطيع الرفض، فلابد أن يجامل هو أيضا، لذا فقد أصبح التفاعل المجاملة أكثر منه للإعجاب، والآن عليك الإجابة على هذا السؤال بكل صراحة وصدق هل تفاعلك في مواقع التواصل الاجتماعي إعجاب أم مجاملة؟!
نبذة عن الكاتبة:
ريم السباعي
أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا
حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005
صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب
صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها
للتواصل: