قهوة العلوم

عمال مناجم الذهب في أفريقيا يواجهون خطر الموت أكثر من غيرهم

يمكن أن تحقق عمليات التعدين في مناجم الذهب فوائد اقتصادية كبيرة للمجتمعات التي تعتمد كثيراً على هذه الصناعة، لكنها في الوقت ذاته يمكن أن تكون خطيرةً للغاية على حياة العمال في صناعة التعدين بشكل عام، فعلى الرغم من المبادرات الوطنية والدولية التي شهدتها السنوات الأخيرة لتحسين سلامة المناجم في أفريقيا، إلا أن التأثير العام لجهود السلامة في مجمعات تعدين الذهب لم يكن واضحاً إلى حد كبير.

وكشفت دراسة أجراها باحثون في معهد «إيفاكارا» الصحي بجمهورية تنزانيا، ونشرتها دورية «الصحة العامة العالمية»، عن أن عمال المناجم، خاصة مناجم الذهب المنتشرة في عدد من دول القارة السمراء، يواجهون خطر الموت بمقدار أكثر من الضعف، مقارنةً بأفراد المجتمع من غير عمال المناجم، وأظهرت الدراسة أن الكثير من هذا الخطر المتزايد كان يرتبط بشكل أساسي بإصابات حركة المرور على الطرق.

ارتباط بين التعدين وزيادة الوفيات

الدكتور «إسحاق لياتو»، الباحث في علم الأوبئة والصحة العامة بالمعهد التنزاني، قال إن «كثيراً من الأدلة التاريخية تشير إلى الارتباط بين عمليات التعدين وخطر إصابة العمال بالعدوى، ووفيات الأمراض غير المعدية»، إلا أنه اعتبر أن «البحث الجديد يمهد لنتيجة جديدة حول الارتباط بين أنشطة التعدين، وزيادة مخاطر الوفيات المرتبطة بالحوادث».

اقرأ أيضاً: “متحف المجوهرات الملكية” بالإسكندرية تحفة معمارية لا يعرف عنه الكثيرون

وأضاف قائد الفريق البحثي، في تصريحات أوردتها مجلة العلوم الأمريكية عبر موقع نسختها باللغة العربية «للعلم»، أن النتائج، التي توصلت إليها الدراسة، يمكن أن تلعب دوراً في تنبيه المديرين الإقليميين والمسؤولين من أجل معالجة الأسباب الرئيسية للوفيات في مجمعات التعدين.

إصابات المرور تزيد الوفيات 10 مرات

وللوصول إلى نتائج الدراسة، راقب الباحثون الوفيات التي حدثت بين فبراير 2019 وفبراير 2020 في مجمعين مرتبطين بمناجم ذهب كبيرة في شمال تنزانيا، وأظهر التحليل الإحصائي للبيانات أن خطر وفاة عمال المناجم داخل كلا المجمعين، كان أكثر من ضعف خطر الوفاة لغير عمال المناجم، وأن هذا الخطر المتزايد يرجع إلى إصابات حركة المرور وإصابات أخرى، مقارنةً بغير عمال المناجم، وأن عمال المناجم كانوا أكثر تعرضاً للوفاة نتيجةً لمثل هذه الإصابات، بأكثر من 10 مرات.

15 مليار دولار حجم التجارة المحرمة

وأظهر التحليل أيضاً أنه مقارنةً بالمناطق الأخرى في تنزانيا، كان لدى مجمعات التعدين معدلات أعلى من إصابات المرور على الطرق، ومعدلات أعلى للوفاة، بسبب الأمراض المعدية التي لا علاقة لها بفيروس نقص المناعة البشرية «الإيدز»، ومع ذلك، على عكس النتائج من الدراسات السابقة، لم يكن لدى عمال المناجم معدلات وفاة متزايدة بسبب «الإيدز».

اقرأ أيضاً: أرض الذهب “النوبة” .. تراث ثري وتاريخ ثقافي عريق

مجمعات تعدين الذهب الأكثر خطراً

وبشكل عام، فقد خلصت نتائج الدراسة إلى أن الأسباب الرئيسية للوفاة متشابهة بين مجتمعات التعدين وغير التعدين في تنزانيا، ومع ذلك، لا تزال مجمعات تعدين الذهب تواجه معدلات وفيات مرتفعة، مقارنةً بغيرها، على الرغم من جهود السلامة التي بذلتها السلطات المحلية مؤخراً، للحد من عوامل الخطر التي تهدد أرواح العاملين بهذه الصناعة.

وعن السبب في ذلك، لاحظ فريق البحث أن ارتفاع مخاطر الوفيات الناجمة عن حوادث المرور يمكن أن يكون مرتبطًاً بالنمو السكاني السريع، والتحضر، وزيادة القدرة على تحمل تكاليف المركبات، التي غالباً ما تُرى في مجتمعات التعدين، حيث أوصى الفريق البحثي بضرورة دعم برامج سلامة المجتمع التي تهدف إلى الحد من الإصابات، والتي يمكن أن تساعد في خفض معدلات الوفيات في هذه المناطق.

تقييم الأثار الصحية وتعزيز فرص التنمية

وأوضح «لياتو» أنه تم تحديد أنشطة استخراج الموارد على أنها خطرة، مع زيادة خطر حدوث نتائج صحية ضارة لعمال المناجم والمجتمعات المحيطة، ومن ناحية أخرى، يمكن أن تسهم أنشطة استخراج الموارد في النمو السكاني السريع والتحضر والتحسين العام في الوضع الاجتماعي والاقتصادي، ويجب تطبيق تقييم الأثر الصحي من أجل تقليل الآثار الضارة، بالتزامن مع تعزيز فرص التنمية العادلة والمستدامة.

وعن الخطوات المقبلة للفريق، أضاف بقوله: «نحاول إيصال نتائجنا إلى المجتمع الأوسع، لاسيما أولئك المشاركين في الحوكمة وصنع القرار»، ويشمل ذلك تحفيز تبادل السياسات مع أصحاب المصلحة الرئيسيين، بهدف التأثير في تغيير السياسة، لتعزيز تطبيق تقييم الأثر الصحي، كآلية تنظيمية في مناطق استخراج الموارد ومناطق المنتجين.

اقرأ أيضاً: تحب المغامرة؟.. إذا لا تفوتك زيارة “صحراء الملح”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى