كاتب ومقال

دار في خاطري| الليل

بقلم: ريم السباعي

ريم السباعي

في هدأه الليل والسكون يخيم على الكون، والنجوم البراقة تسبح في السماء، تتلألأ في ذلك الظلام، فهي على أتم الاستعداد لاستقبال موكب القمر، وها هو الموعد قد حان، وها هو القمر يتهادى في موكبه ليتوسط السماء، وها هي النجوم تتناثر من حوله كأنها حبات اللؤلؤ المكنون، فيمحو شيئا من ظلمة الليل.

أتى عشاق الليل الساهرين، إلى القمر ناظرين، فيتوارى القمر خجلا خلف الغيم المار بالسماء، فيحجبه فلا يُرى إلا ضوؤه الفضي، ولكن سرعان ما يمر السحاب، فيظهر القمر من جديد، لينظر من عليائه للساهرين، فيبتسم لهم وكأنه يخبرهم في صمت أنه الصديق والرفيق في سكون ذلك الليل الذي يأتي كل يوم ليُكتب فيه قصصا وحكايات، فيخفي في ظلمته دمعا، ويبتلع في جوفه ألما، يسمع شاكي، ويرى باكي، يحرس نائم، ويرافق هائم.

عندئذ يدور حوار بين الليل والقمر، يقول الليل للقمر: “لماذا تتبعني متى أتيت وأينما حللت؟!” فيجيبه القمر ضاحكا: “لأشهد معك حكايات البشر”، فيقول الليل: “إن تلك الحكايات أسرارا، تختبئ بداخلي، فأطويها في سريرتي”، فيقول القمر: “وأنا مثلك أكتم الأسرار”، فيقول الليل: “لا! بل أنت كاشفها، فظلمتي تحجب الأبصار، فتأتي في موكبك تتوسط النجوم فيظهر كل شئ تحت ضوئك الفضي، وبريق النجوم”، فيقول القمر: “ولكني لم أذيع سرا، بل أتيت لأبدد ظلمتك، فقط بصيص نور”.

هنا لم يقل الليل شيئا، فقد أدرك مغزى ظهور القمر، فإنه الأمل، نعم! فذلك الضوء الفضي الخافت هو مصدر التفاؤل والأمل للساهر حتى لا يضيع في غياهب الليل الطويل، وها هو الليل أوشك أن ينجلي، فقد حان الوقت لينسلخ من النهار، وها هو القمر يعد عدته للرحيل، وتختبئ النجوم ويطمس بريقها ضوء النهار، ولكن الليل آت من جديد لا محالة ليسدل ستائره على الكون الفسيح، ومن جديد يعود القمر والنجوم لأن النور لابد أن ينبثق من الظلام.

 

نبذة عن الكاتبة:

ريم السباعي

أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا

حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005

صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب

صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها

للتواصل:

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى