رمضان أشرق فالدنا تتطلع ظمئ لنور من كتابك يسطع
أيقظت قلبي فاستفاق ميمماً شطر الهدى
يرنو إليك ويسمع سأقوم ليلك داعياً متبتلاً
وسأظل يومك خاشعاً أتضرع
إن هذه الكلمات التي صدح بها الشيخ نصر الدين طوبار مبتهلا كانت رفيقة دربنا في رحلتنا إلى بيت جدي في الريف، وذلك في اليوم الأول من أيام شهر رمضان.
ها هو شهر الخير قد أقبل، الذي يحلو برفقة الأهل في بيت جدي، فطقوس جدي وجدتي تجعلنا نشعر بالسعادة، لأنها تأخذنا إلى عالم بعيد وجميل، مليء بالروحانيات والنفحات الرمضانية.
وصلنا في العاشرة صباحا، كانت أسرتنا هي أول الواصلين، رحب بنا جدي وجدتي بحفاوة، وما هي إلا دقائق حتى اكتمل شمل العائلة، وتبادل الجميع التهاني، وتمنى بعضنا لبعض الأمنيات الطيبة الجميلة.
ذهبت أمي وخالاتي برفقة جدتي لإعداد الإفطار الذي اعتدنا أن يكون أول يوم عبارة عن البط المشوي، والأرز، والحساء، بالإضافة إلي الحلوى الرمضانية اللذيذة كالكنافة، والقطائف، ولا ننسى التمر، وقمر الدين، أما جدي فراح يعد أكياسا من المكسرات ليقدمها لنا بعد الإفطار، ومع كل كيس علبة نعلم جميعا أن بداخلها فانوسا جديدا، ولكنها تبقى دائما مفاجأة جميلة.
صلينا العصر وبعدها جلس جدي وجلسنا حوله، وراح يتلو القرآن الكريم بهدوء وخشوع، ونحن نردد خلفه، وبعدها راح يفسر لنا ما تلوناه من آيات الذكر الحكيم.
وعندما أوشكت أن تغيب شمس اليوم الأول من شهر رمضان أدار جدي المذياع لنستمع إلى القرآن الكريم بصوت الشيخ محمد رفعت الذي جود قائلا: ” شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡيَصُمۡهُۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۗ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡيُسۡرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ وَلِتُكۡمِلُواْ ٱلۡعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ” وعندئذ بكيت بكاءا شديدا، فأنا لم أكن ضمن صفوف الصائمين، لأنني مريض ولابد أن أتناول الدواء في مواعيده المحددة على مدار اليوم.
شعر جدي بحزني الذي علم سببه على الفور، وحينئذ قال لنا: إن الله عز وجل رخص للمريض والمسافر الإفطار في رمضان حتى لا يتكبد مشقته فوق مشقة المرض والسفر، على أن يقوم بتعويض تلك الأيام، سبحانه جل وعلا لم يكلف نفسا فوق طاقتها، فذهب عني الحزن وعلمت أن الصوم يعلم الصبر، وتحمل المشقة صبر، وتحمل آلام المرض صبر، والصبر خير.
نبذة عن الكاتبة
ريم السباعي
أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا
حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005
صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب
صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها
للتواصل: