قهوة العلوم

نقص الأمن المائي والغذائي والمناخي.. تهديد ثلاثي يواجه المنطقة العربية

تمثل مشكلة نقص المياه نقطة الالتقاء بين الأمن المائي والغذائي والمناخي في مصر والشرق الأوسط، الأمر الذي يشكل تهديداً ثلاثياً لجهود التنمية، قد يمتد خطره إلى تهديد مقومات العيش وتحسين ظروف الحياة، في ظل ارتفاع درجات الحرارة إلى أعلى معدلاتها وبصورة غير مسبوقة، إضافة إلى زيادة حدة موجات الجفاف التي تشهدها العديد من دول المنطقة.

حول هذا التهديد نظم مشروع «حلول للسياسات البديلة»، أحد المشروعات البحثية بالجامعة الأمريكية في القاهرة محاضرةً للدكتور مارك سميث، المدير العام للمعهد الدولي لإدارة المياه، بمشاركة الدكتور أمجد المهدي، رئيس منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمعهد، وأدار النقاش الصحفية هبة صالح، مراسل صحيفة «فايننشيال تايمز» في القاهرة.

ويهدف «حلول للسياسات البديلة» إلى تقديم مقترحات سياسات عامة، للتعامل مع أهم التحديات التي تواجه المجتمع المصري، عن طريق عملية بحثية متعمقة ودقيقة، واستشارات موسعة مع مختلف القطاعات المعنية، ويقدم المشروع حلولاً مبتكرة ذات رؤية مستقبلية لدعم مجهودات صناع القرار في تقديم سياسات عامة تهدف لتحقيق التنمية العادلة.

أثار تغير المناخ على الأمن الغذائي والمائي

في بداية المحاضرة، التي جاءت بعنوان «نقص المياه: نقطة التقاء الأمن المائي والغذائي والمناخي بمصر والشرق الأوسط»، تحدث الدكتور مارك سميث عن آثار تغير المناخ على الأمن الغذائي والمائي، وتداعياته في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وشدد على أهمية دمج سياسات مواجهة التغير المناخي مع سياسات واستراتيجيات الأمن المائي والأمن الغذائي، بهدف الحد من المخاطر.

وأوضح مدير المعهد الدولي لإدارة المياه، خلال اللقاء الذي حضرته «كلمتنا»، أن تغير المناخ يمثل تحدياً كبيراً وخطراً على الأمن المائي والأمن الغذائي، فالمياه والمناخ والغذاء عناصر متضافرة، وما يهدد إحداها سيهدد بقية العناصر، لافتاً إلى كل زيادة في الحرارة تعني زيادة في الآثار الخطيرة على الغذاء والمياه، مؤكداً أن منطقة شمال أفريقيا تعاني للغاية بسبب الجفاف وزيادة درجات الحرارة.

حلول إبداعية للحد من المخاطر

وبينما حذر من أن مصر تواجه ندرة في المياه بسبب التغير المناخي، خاصةً مع ضآلة مصادر المياه المتجددة، ووجود إجهاد مائي عميق في المنطقة، فقد دعا «سميث» إلى أهمية البحث عن حلول إبداعية تتبنى مقاربات واستراتيجيات قائمة على الحوكمة، والاستثمار الواعي في البنية التحتية، مع أهمية التركيز على استخدام البيانات والمعلومات المتعلقة بالمياه ومصادرها واستخداماتها وخطط الري، بهدف رصد التغيرات التي تحدث في مستويات المياه، ما يساعد على الحد من مخاطر الأمن المائي والغذائي.

وتطرق مدير المعهد الدولي لإدارة المياه إلى الحديث عن أزمة «سد النهضة» الإثيوبي، التي تشكل تهديداً للأمن المائي في كل من مصر والسودان، قائلاً إن عدم وجود تعاون دولي في بناء السدود، مثل سد إثيوبيا، يؤثر على الأمن المائي، علماً بأن منطقة شمال أفريقيا متأثرة للغاية بالجفاف والجفاف المضاعف المؤدي إلى الفيضانات وزيادة درجات الحرارة.

كما لفت «سميث» إلى أن معظم المياه في مصر موجهة للقطاع الزراعي، مما يعني أن الزراعة ربما تتعرض للخطر نتيجة نقص المياه وتغير المناخ، وهذا يؤثر بدوره على الأمن الغذائي، حيث أن تهديد الأمن المائي يؤدي إلى مخاطر على الأمن الغذائي، معتبراً أن ذلك يتجسد ذلك على أرض الواقع من خلال زيادة أسعار الغذاء والهجرة الداخلية، وأكد أن عدم وجود تعاون عابر للحدود، بالنسبة لبناء السدود، يؤدي إلى تفاقم التداعيات الناجمة عن ذلك التهديد.

الاستفادة من معالجة وتحلية المياه

وكشفت المحاضرة عن أن التقديرات تشير إلى أن مصر تحتاج إلى ما يزيد على 114 مليار متر مكعب من المياه سنوياً، لتلبية مختلف الاحتياجات والاستخدامات في كافة القطاعات، في حين أن إجمالي مواردها من المياه لا يتجاوز 60 مليار متر مكعب فقط من المياه، تتمثل في 55.5 مليار متر مكعب حصتها من مياه النيل، ونحو 5 مليارات متر مكعب من مصادر أخرى.

وشدد «سميث» في هذا الإطار، على أهمية العمل على الاستفادة من إعادة تدوير المياه ومعالجتها وتحليتها، بهدف تعظيم مصادرها، مؤكداً أن مصر لديها بالفعل إجراءات للتكيف مع تغير المناخ، ولديها طموحات واستراتيجية للمياه، داعياً إلى أن تحظى إدارة المياه بأهمية كبرى، ولابد من وضع دمج سياسات المناخ مع الأمن المائي والغذائي كأحد الأولويات، قبل أن يختتم بقوله إن «المواجهة والصمود يتطلبان الكثير من العمل، خاصةً مع انعدام اليقين فيما سيحمله المستقبل».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى