مع عرض أول طائرة مصرية دون طيار في معرض “إيديكس”.. كيف انتشرت طائرات “الدرون”؟
انتشر استخدام طائرات “الدرون” المدنية من العمليات العسكرية، ولم يقتصر الأمر على الجيوش النظامية، بـل يتزايد باستمرار استعانة الجماعات المسلحة غير الحكومية بها، وشهد معرض الأسلحة والمنظومات الدفاعية الذي أطلقت مصر النسخة الثانية منه، منذ أيام، عرضا لأول طائرة مصرية مسيرة، فكيف تعمل تلك الطائرات وكيف شقت تلك الطائرات طريقها في السلم والحرب؟
فكرة عمل “الدرون”:
بحسب الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية، فإن طائرات الدرون تعتمد على الشبكات اللاسلكية واي فاي، وعلى أنظمة تحديد المواقع (GPS) التي تعطي بيانات دقيقة للإحداثيات الجغرافية، وعلى جهاز استشعار المسافة بالموجات فوق الصوتية لتجنب العقبات في الهواء أثناء الطيران، وهو يتميز بأنه ذاتي التحكم يعمل بكود برمجي قوي وقابل للتطوير. وتتأثر هذه الطائرات بحالة الطقس والظروف المناخية إلى حدٍّ بعيد.
وتضيف المهندسة “ميس محمد” أن طائرة الدرون تتصل بجهاز التحكم أو بالهاتف الذكي لاسلكيًّا، وبذلك يمكن التحكم فيها بإرسال الإشارات والأوامر وباستقبال الصور المتحركة التي تُنقل مباشرة من الطائرة إلى شاشة العرض المتصلة بجهاز التحكم، وذلك لمعرفة موقع الطائرة ورؤية العوائق (لأنها تطير بعيدًا عن مجال الرؤية) وللبدء في تسجيل الفيديو في اللحظة المناسبة.
وتتابع “ميس محمد”، أن المشكلة تكمن في أن الاتصال بالطائرة عن طريق إشارات WIFI يسمح لها بالتحليق لمسافة تصل إلى 2Km فقط، ثم تفقد استقبال الإشارات (وهذه مسافة جيدة في شبكة WIFI).
أبرز مخاطرها:
تكمن المشكلة في رصد طائرات الدرونز، حيث إنها تحلق على ارتفاع أقل من 3500 قدم، وهذا ارتفاع لا يمكن لرادارات مراقبة الحركة الجوية رصد الطائرات فيه، بجانب التجسس وبشكل خاص المناطق العسكرية والحيوية، وتهريب الأسلحة والممنوعات للسجون وعبر الحدود، وتهديد المجال الجوي وحركة الملاحة خصوصًا قرب المطارات، والأذى الذي تُلحقه في حال اصطدامها وسقوطها في أماكن مأهولة بالسكان، وأخيرًا استعمالها منصة اختراق (Snoopy Drone).
حوادث متفرقة والمتهم “درون”:
في الخامس عشر من سبتمبر 2021، قتلت طائرة “درون” ثلاثة أشخاص على الحدود بين العراق وسوريا، وقبل ذلك بيومين، استهدفت طائرات “درون” أحد السجون في “الإكوادور”، وتسببت في ثلاثة انفجارات، فيما بدا أنه تصفية حسابات بين عصابتين. وفـي الـحـادي عشر من سبتمبر، قُصف مطار “أربيل” في “كردستان العراقية” بـ”درون” في هجوم استهدف قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. انتشر استخدام طائرات “الدرون” المدنية من العمليات العسكرية، ولم يقتصر الأمر على الجيوش النظامية، بـل يتزايد باستمرار استعانة الجماعات المسلحة غير الحكومية بها.
ويروي أحد العاملين في مجال المساعدات الإنسانية، وكان شاهدا غير مباشر على الهجوم، بحسب مجلة “الجرائد والمجلات العالمية”، الصادرة عن الهيئة العامة للاستعلامات، قائلًا: “كنت في مجمع سكني مؤمن على بعد بضعة کیلومترات من المكان، وقد اتخذت ساترا بعيدا عن النوافذ. وما يحدث عادة هو التحقق من أن الجميع بخير، ثم السؤال عن سبب الانفجار” . وقد انطلقت صواريخ الدفاع الأمريكية؛ الدفاع الأمريكية؛ مما حال من دون وقوع ضحايا، لكن تعقب “الدرون” ليس بالأمر السهل.
لم تكن هذه العملية، التي نسبت لبعض الميليشيات الموالية لإيران، الأولى من نوعها في العراق، ويلاحظ أحد العاملين في منظمة إنسانية فرنسية غير حكومية، ومن المقيمين في العراق منذ عام ٢٠١٩، أن الاستراتيجية المتبعة تغيرت. ويوضح ذلك، قائلا: “ما تغير بالفعل، بالمقارنة بطلقات المدافع والصواريخ، هو دقة تصويب الدرون”؛ مما يحد بشدة من الخسائر الجانبية ضحايا، لكن تعقب “الدرون” ليس بالأمر السهل.
كيف ساعدت “الدرون” الإرهاب على التوغل؟
طائرات “درون” انتحارية للضربات. وبخلاف سهولة الحصول على طائرة درون حاليا، يمثل انخفاض تكلفة تصنيعها ميزة بالنسبة إلى الجماعات الإرهابية والإجرامية على حد سواء إلى حد وصفها بأنها “سلاح الفقراء”. ووفقا لتحليل “جان – فانسان هولاندر” الباحث في معهد الأبحاث الاستراتيجية التابع للمدرسة العسكرية في فرنسا: تسهل “الدرون” دخول عمليات حربية بتكلفة منخفضة؛ مما غير الأوضاع بكل تأكيد.
وفي نهاية يوليو الماضي، قصفت طائرات “درون” انتحارية أطلقتها “إيران”، إحدى حاملات البترول في بحر عمان – كما ذكرت السلطات الإسرائيلية. ويثبت هذا النوع من العمليات العشوائية مدى سهولة إصابة العدو، وكشفت ماریان رينو” المستشارة المستقلة والمتخصصة في “الدرون” المدنية والعسكرية، عن أن “هذه الأعمال تعد شديدة الإزعاج؛ لأنها صعبة التوقع، بخلاف الأثر النفسي الذي تتركه. وتطور فرنسا حاليا منظومة “هيلما-بي المضادة “للدرون” التي تعمل باستخدام الليزر.
الحرب عن بعد وصراع محموم:
تبرهن الزيادة الكبيرة في استخدام “الدرون” على أهمية هذه الظاهرة التي لم تعد مقصورة على الجيش الأمريكي الذي استخدمها للمرة الأولى عام أفغانستان.
وتستخدم “إسرائيل” التي تعد أيضا رائدة في هذا المجال، هذه الطائرات في الاغتيالات الموجهة ضد بعض القادة الفلسطينيين. بينما لحقت بها دول أخرى مثل “تركيا” التي تكثف استخدام “الدرون الانتحارية” في شكل “أسراب”، وقد لجأت بالأخص لاستخدامها في الحرب بين “أرمينيا” و”أذربيجان” وقد بلغ عدد الدول التيتستخدم هذا السلاح نحو 95 دولة، بزيادة 58 ٪ منذعام ۲۰۱۰.
لماذا تأخرت فرنسا؟
وبالرغم من التأخر الفرنسي في دخول ما أطلق عليه “حرب الدرون” – كما يشير أحد تقارير “مجلس الشيوخ” – أطلقت فرنسا أولى طائراتها من هذا النوع في “الساحل” عام ٢٠١٩، ومن وجهة نظر جان فانسان هولاندر ، يمكن تفسير هذا “التوجه الاستراتيجي” جزئيا برغبة “فرنسا” في تطوير البرنامج الأوروبي الحالي. ويرفض “هولاندر” فكرة “حرب الدرون” التي تخالف طبيعة الحروب، ويرى، على العكس، أن “هذه الأسلحة تندرج ضمن تاريخ طويل من الحروب، التي تُمارس عن بعد، والتي انتشرت بقوة بعد ابتكار سلاح الجو.
التكنولوجيا وتطوير “الدرون”:
لا يوجد أي قانون دولي يؤطر استخدام “الدرون”، ولن يكون هناك جدوى بالطبع من وضع قوانين للجماعات الإرهابية. وتشير “ماريان رينو” الخبيرة في “المفوضية الأوروبية”، إلى أن فرنسا تفرض “التدخل البشري للسماح بإطلاق النار”، بحيث لا يلجأ في ذلك للذكاء الاصطناعي، القادر على تحديد الهدف، وتصفيته من خلال برامج التعرف على الوجوه. ومع ذلك، يتوقع أن يسود هذا الأسلوب العملياتي خلال السنوات المقبلة، في ظل انتشار أجهزة وطرق التعرف على الوجوه في الفترة الحالية، فهل يصبح أحدنا هدفا لهذه الأشباح يوما؟