كاتب ومقال

دار في خاطري| التعليم بين قمة وقاع “الجزء الثاني”

بقلم: ريم السباعي

ريم السباعي

لماذا يقع اختيار الطفل على مهنة الطبيب إذا وجه إليه سؤال ماذا تريد أن تصبح في المستقبل؟! إن معظم الأطفال يكون إجاباتهم على ذلك السؤال: أريد أن أصبح طبيبا، إن الطفل في هذه المرحلة لم يكن يعرف كلية القمة، أو نظام الثانوية العامة ومجموعها، ولكنه يختار أن يصبح طبيبا.

في رأيي أن الطفل في ذلك العمر ينظر إلى الطبيب نظرة الشخص القوى ذو السلطة والنفوذ، فلا أحد يستطيع أن يرفض أوامره- وذلك عند الفحص وتناول العقاقير- فهو من يعلم بمكمن الألم ويوصف له ما يشفيه، ومما يؤكد ظني أن الطفل حين يلتحق بالمدرسة تتغير رغبته في المهنة فيقع إختياره على مهنة معلم.

وذلك أيضا لأنه رأى شخصا آخر تفوق قدراته عن قدرته هو في ذلك العمر فتمنى أن يصبح مثله، وحين تتسع دائرة معرفته بالشكل الاجتماعي الهرمي الذي ليس له سيد وعبد بل كلية قمة ودون ذلك، تجد اختياره يقع على تلك الكليات، ومما يؤيد صحة اختياره أن يجد التشجيع من أهله على ذلك الأمر.

وهنا سؤال آخر يطرح نفسه، وهو لماذا تقبل كلية الطب مثلا الطلاب الحاصلين على المجموع الأعلى بينما كلية الزراعة مثلا تقبل الطلاب الحاصلين على المجموع الأدنى؟ فمثلا كلية الطب قدرتها الاستيعابية ألف طالب، بينما كلية الزراعة قدرتها الاستيعابية خمسة آلاف طالب، ومن هنا ينشأ التباين بين الكليات.

ولكن إذا حدث العكس وأصبحت القدرة الاستيعابية لكلية الزراعة ألف طالب، بينما الطب خمسة آلاف لأصبحت كلية الزراعة تقبل الطلاب الحاصلين على المجموع الأعلى، وأصبحت كلية الزراعة إحدى كليات القمة، وسعى من أجلها الطلاب وأهلهم، لكن في الحقيقة جميع الكليات تدرس علوما لا يقل علم منها عن الآخر أو يزيد.

فجميعها علوم تفيد المجتمع وترفع من شأن دارسها، وما هذا الاختلاف بين قمة وقاع إلا من صنع الانسان الذي لا يدرك القيمة الحقيقية للعلوم بل ينظر للعلم من ظاهره وهو أنه ينتقي الصفوة من الحاصلين على أعلى مجموع مما ساعد على إنشاء ذلك الشكل الهرمي الذي بني على المظهر مما أثر على ميول الطلاب في اختياراتهم للعلوم التي يدرسونها.

ولحسم تلك المشكلة ففي رأيي إن إجراء اختبارات للطلاب تظهر قدراتهم الخاصة التي على أساسها يتم الالتحاق بالكلية المناسبة هو الأفضل، اختبار ليس له نجاح أو رسوب، اختبار كتلك التي يحدد بها الإنسان شخصيته، وعندئذ يلتحق كل طالب بما يناسب قدراته العقلية، فلا نجد طبيبا يصف العلاج الخطأ، أو لا يستطيع تشخيص الحالات المرضية تشخيصا سليما، ولا نجد معلما غير قادر على توصيل المعلومات للطلاب، فيخرج من تحت يده أجيالا كل إعتمادها على الحفظ لا الفهم، بالإضافة إلى أن كل شخص سوف يصبح راضيا عن نفسه وعن دراسته، ويصبح قادرا على إعطاء المزيد.

اقرأ أيضًا: دار في خاطري| التعليم بين قمة وقاع “الجزء الأول”

نبذة عن الكاتبة:

ريم السباعي

أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا

حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005

صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب

صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها

للتواصل:

[email protected]

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى