بين السطور| من فتاة المنصورة إلى العائلات: لن أكون الأخيرة!
في كل مرة نطالع فيها مواقع التواصل الاجتماعي يدور في رأسنا سؤال العبقري جلال أمين:
ماذا حدث للمصريين؟، سؤال قد يبدو بسيطا وعاديا، ولكن ما نراه بين الحين والآخر ينذر بكوارث لا يستطيع أحدنا إيقافها، وآخرها “حادث فتاة المنصورة”، كما تروج له وسائل الإعلام.
تأملت القصة من أطراف مختلفة، كيف تصرفت وسائل الإعلام التي تلتزم بمواثيق شرف إعلامي، وهل يعقل أن نروج لحادث بهذه البشاعة بعناوين من قبيل “شاهد قبل الحذف” أو “اللحظات الأولى لذبح فتاة المنصورة” وما شابه من العناوين؟
هل من المقبول أن يخرج مُنظرو مواقع التواصل الاجتماعي، ويفرضوا على رجل الشارع أن يتدخل مع كل أنواع المجرمين دونما اعتبار لأي مخاطر أو عقبات، فتطفو عبارات الجلد والتذنيب، يمينا ويسارا؟
لو كان للفقيدة “نيرة” أن تترك رسالتها إلى مجتمع كالذي نعيش فيه، فلا أرى إلا أن رسالتها ستكون من 3 كلمات: “لن أكون الأخيرة”؛ ففي وسط ما نعيش من مآس لا تتوقف يظهر المتهمون الحقيقيون في ركن بعيد لا تسلط عليهم الأضواء.
من يحاسب بائعي المخدرات الذين ينتشرون تقريبا على كل ناصية، ورغم أن الدماء لم تجف في الإسماعيلية والإسكندرية وغيرهم، فيبدو أن القوس سيظل مفتوحا ما دام هؤلاء أحرارا طلقاء، لا يتعرض لهم أحد بكلمة!
ماذا حدث للمصريين؟
التعليقات على بعض فيديوهات البث المباشر من موقع الحدث تشي بأن جيلا من الضائعين يتم إعداده هذه الأيام، على نار هادئة، كما يروق للبعض وصفه. من هؤلاء الذين يستبيحون القتل لمجرد طريقة اللبس أو المشي أو غيرها من الحجج؟ ومن عينهم وكلاء لله بين عباده؟
الأمر لم يعد غريبا، فمن الطبيعي مع ظهور أفلام “السرسجة” واغاني عبده موتة و”علشان تبقي تقولي لأ” وغيرها، أن يخرج لنا نتاج منحل لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا، جيل ضائع الهوية، ممسوخ الملامح، ويبيت من ينادي بالقيم والعادات والتقاليد كحاطب ليل في آخر الشهر، لا يبصر الناس ولا يبصرونه!
كلنا مذنبون، بصوت العبقري أحمد زكي، كيف لا والأسر نفسها باتت لا تجتمع على مائدة الطعام إلا قليلا، لا يدري الآباء والأمهات أين أولادهم ولا مع من خرجوا ولا ماذا فعلوا!
في بيانات صادرة عن وزارة التضامن الاجتماعي عام 2010، أوضحت أن هناك نحو 552 ألف حالة زواج سري في الجامعات المصرية، بل الأخطر أن ورقة الزواج العرفي تباع في بعض المكتبات المحيطة بالجامعات بمبلغ 10جنيهات وحسب!
في سياق آخر تشير الدكتورة عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية إلى أنها قامت بعمل دراسات عديدة عن الزواج العرفي وأن أي أرقام تصدر عن ذلك الموضوع فهي غير صادقة لأن “ما خفي كان أعظم”؛ فأغلب تلك الزيجات تتم في الخفاء .
لا يمكن أن نقف دون محاولة لتعديل الأمور وإعادتها إلى نصابها، وإلا فسنصحو كل يوم على “نيرة” جديدة، بداية من أهمية العمل الفوري على ملف الثقافة والإعلام لنشر عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا الأصيلة، ومرورا بمحاربة مروجي المخدرات والسموم، وبالتأكيد العمل على ملف التعليم، فما نجت أمة إلا على أكتاف شبابها، فكيف إذا نخر السوس عظامهم واغتال براءتهم وأضاع هويتهم، فإلى الله المشتكى!