كاتب ومقال

دار في خاطري| من يجني الورد؟!

بقلم: ريم السباعي

هل زرعت يوما ورودا ورياحينا؟ هل زرعت يوما أشجارا وبساتينا؟ هل زرعت ثمارا؟ هل جنيت زرعك فشعرت بالسعادة؟ هل زرعت شيئا فجنيت شيئا آخر؟ هل كل ما يزرع ويحصد أشياء مادية؟! أم هناك زرع معنوي؟! وماذا سوف تجني من ذلك الزرع المعنوي؟! هل كل من يزرع زرعا يحصده؟!

إن الزراعة من أقدم ما تعلمه الإنسان وعمل به، فقد علمته الاستقرار، وتقسيم السنة إلى شهور وفصول، بالزراعة تعلم الإنسان الصبر حين يغرس البذرة ويرعاها، فتأتي ثمارها، فيشعر الزارع بجميل صنعه يوم حصاده.

إذن فحين تغرس بذرة كن على يقين تام بأن هذه البذرة لن تنبت إلا بعد بذل الجهد في رعايتها والعناية بها، فلابد أن توفر لها البيئة المناسبة لها، واعلم أن لكل بذرة بيئتها الخاصة التي تناسبها، ولكن ثمة شيء ثابت لا يتغير وهو حاجة كل زرع للماء النظيف، فذلك يضمن لك سلامة نبتتك، وبعد الكد والتعب تجني ثمار تلك البذرة فحينها تشعر بأن كل ما بذلته لم يضع هباءً.

ولكن ماذا لو كانت تلك البذرة من البداية غير صالحة للزراعة؟ أي بذرة فاسدة أصابها العطب؟ إن ذلك بالتأكيد لن يؤتي بثمار فيضيع الجهد في لا شيء، إذن فعليك التأكد من صلاح بذرتك حتى تثمر.

ولكن هل من الممكن أن تزرع شيئا فيثمر شيئا آخر؟! يعني من الممكن أن تزرع وردا فينبت صبارا؟ لا! بالتأكيد فأنت من تختار ما تزرعه، فإذا أردت أن تجني وردا فعليك من البداية أن تزرع وردا، وإذا أردت أن تجني صبارا فعليك من البداية أن تزرع صبارا، فلك الاختيار، فعليك أن تحدد ما تود حصاده حتى تختار البذرة الصحيحة.

إن الزرع والحصاد ليس مقصورا على النباتات، بل الزرع والحصاد يكون أيضا في البشر، فعندما تزرع الخير تجنيه، وأيضا عندما تزرع الشر تجنيه، فمن المستحيل أنك تزرع خيرا فتجني شرا.

فعلى سبيل المثال تجد إحدى الأسر أبناؤها دائمو الشجار والخلافات، يسري الكره والبغض والحسد بينهم، فإن هذا ما زرعه الآباء في البداية، فمن المستحيل أن يزرعوا الحب ويجنوا الكره، من المستحيل أن يزرعوا الإيثار فيجنوا الأنانية، من المستحيل أن يفرقوا بين أبنائهم فيجدوهم يوما ما يد واحدة، من المستحيل أن يزرعوا الظلم فيجنوا العدل.

وتجد الشيء نفسه يحدث بين الأفراد كل على حدى، فتجد أحدهم لا يشارك من حوله أفراحهم وأتراحهم، فإذا أصابته سراء أو ضراء فلا يجد من يشاطره فرحه أو حزنه، فهذا ما زرعه في البداية واليوم يجنيه، فمن المستحيل أن تجد شخصا يمشي بين الناس جابرا للخواطر، مساعدا هذا وذاك، يفك كرب المكروب، ويمح الحزن والألم عن قلوب المحزونين إلا وجد الجميع بجانبه في شدته، فهذا ما زرعه واليوم يجنيه، فقد قال الله تعالى: ” هَلۡ جَزَآءُ ٱلۡإِحۡسَٰنِ إِلَّا ٱلۡإِحۡسَٰنُ ”

فإذا أردت أن تجني الورد فعليك أن تزرع الورد وكن على يقين تام بأنك لن تجني إلا ما زرعته يداك.

اقرأ أيضًا: دار في خاطري| أقبل الخريف

نبذة عن الكاتبة

ريم السباعي

أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا

حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005

صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب

صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها

للتواصل:

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى