قهوة العلوم

نصائح لطلبة الدراسات العليا

خطوات يجب أن تعرفها قبل أن تبدأ رحلة البحث العلمي

محمد عرجاوي:

إذا كنت طالباً في الدراسات العليا، فهذه بعض النصائح التي ستساعدك في اتمام رسالتك والحصول على الدرجة العلمية بنجاح. وهي مقسمة الى عدة نقاط كل نقطة تمثل مرحلة يمر بها الباحث أثناء رحلته الدراسية مصحوبة بالنصائح الخاصة بتلك المرحلة.

1-   اختيار موضوع البحث :

قد يؤدي إختياراً غير مناسبٍ لك إلى ضياع الرسالة قبل أن تبدأ، لذا توخى الحذر واعرف بالضبط ما هي قدراتك وما هو الأنسب لك. وهذه بعض النقاط المساعدة لهذه المرحلة :

  • إقرأ أبحاثاً علمية في البداية، وابحث عن المجالات التي تستوعب قراءتها فعلاً. فقد تتقن موضوعاً ما بشكل عملي لكنك نظرياً لا تستوعب قراءاته.
  • حدد بالضبط ماذا تريد من الرسالة، ولماذا تقوم بعملها، فإجابة هذا السؤال يساعدك كثيراً في تحديد موضوعك.

2-    اختيار المشرفين :

هناك خطأ شائع لدى الكثير من الباحثين، ألا وهو اختيار المشرف قبل الموضوع. لا أقصد هنا المجال فحسب بل الموضوع، بشكل محدد وملامح أولية واضحة وما هية المجالات الأخرى المتعلقة بالمجال الرئيسي للموضوع.

وعند اختيارك للمشرف راعي الآتي :

  • انه غالبا ما تكون الرسالة هي ربط بين مجالين أو تخصصين دقيقين، فالأفضل أن يكون المشرفين متخصصين في هذه المجالات كتخصص دقيق.
  • من الأفضل ألا يكون المشرفين من نفس الجنس ، ومن الأفضل أيضاً أن يكون جنس المشرف الثاني هو نفس جنسك أو على الأقل من جنس تستطيع التعامل معه. فبعض الناس عندهم مشكلة حقيقية في التعامل مع الجنس الآخر وهو نوع محافظ وخجول غالباً. وأهمية المشرف الثاني تنبع من كونه مثل صديقك أو أخيك الأكبر الذي يمكن أن تسأله أسئلة في البحث قد تخجل من أن تسألها للمشرف الرئيسي. لاحظ أنك أحياناً ما ستسأل أسئلة غبية فعلا بالنسبة للأساتذه لكن المشرف الأصغر يكون أكثر تفهماً لكونك تكتب بحثاً لأو ل مرة.
  • اختلاف جنس المشرفين لخلق التوازن، فالمشرف الرجل أكثر واقعية غالباً، أما المشرف المرأة فعي تسعى نحوالكمال أكثر ولديها قدرات أكبر من حيث التنظيم والتدقيق في التفاصيل، وصدقني ستحتاج لكليهما.
  • إذا كان لديك مشرفاً ثالثا ( صديق بدرجة دكتوراه ) فالأفضل أن تجعله يشرف بشكل رسمي، وفكرة المشرف الثالث ضرورية لأنه من سيرشدك لتفاصيل يصعب سؤالها للمشرفين الكبار.

3-    كتابة الرسالة :

  • الجزء النظري ليس كتاباً تؤلفه، وسيأتي تفصيله لاحقاً.
  • الجزء العملي ليس جزءاً زخرفياً في الرسالة، بل هو أهم أجزاء البحث إن لم يكن هو البحث نفسه.

4-  المناقشة أو السيمنار Seminar :

  • ركز على الجزء العملي، أما النظري فإكتف بالإشارة إلى عناوينه وسياقه فقط.
  • بعض الباحثين يستطرد في شرح معلومات يعرفها الأساتذه، هناك فارق كبير بين محاضرة لطلبة ومحاضرة لأساتذه يعلمون أكثر بكثير من بحثك.
  • لا تزد عن نصف ساعة بأي حال من الأحوال.
  • إذا اخطأت لغوياً فلا تصحح إلا اذا تغير المعنى.
  • ضع أمامك كوب ماء، وإذا كنت ممن يعانون من مرض الضغط أو نحوه، ضع أمامك قطعة صغيرة من المخلل وأخرى من الحلوى لأن المرض قد يفاجئك وأنت على المنصة
  • إذا كنت ممن يعانون مرضاً ما ضع دواءك أيضا أمامك، إلا إذا كان دواءً منوماً، لاحظ أن بعض أدوية البرد منومة فلا تتعاطهاها أبداً يوم المناقشة.
  • أدي العرض أكثر من مرة كبروفه، وإن وجدت وقتاً في قاعة المناقشة قبل دخول الأساتذه أده في نفس القاعة وأمام نفس الجمهور.
  • اصطحب معك صديق يقوم عنك بإجراءات القاعة وتوزيع الحلوى وجلب اسطوانة الفديو، لا تكن وحيدا أبدا في هذا اليوم. ومن الأفضل أن يكون هذا الصديق ملم ببرامج الكمبيوتر تحسباً لحدوث أي خلل تقني بجهازك الذي تعرض منه.
  • بعد إلقاء المناقشة ستتلقى من الأساتذه مجموعة من الانتقادات، هذا أمر طبيعي فلا تكثر الجدل إلا إذا كان في صميم المنهجية نفسها.

5-    الطباعة :

  • اذا كنت تملك طابعة فيمكنك أن تطبع عليها المراحل الأولية، والأفضل أن تتعلم من فني طباعة بعض الأمور التي تسهل عليك. تعلم ايضاً كيف تتعامل مع ملفات PDF بشكل احترافي.
  • عند الطباعة النهائية بعد المناقشة، الأفضل أن تطبع في شركة متخصصة، ولا تعتمد على طابعتك فإن النسخ المطلوب طباعتها عشرة على الأقل، غالباً خمس نسخ للكلية (3 ألوان + 2 أبيض وأسود)، ولكل مشرف ومحكم نسخة، ولك انت نسخة.
  • هيئ ملفاتك PDF بشكل مرتب جداً ولا تحول الرسالة كلها لملف واحد، ورقمهم حسب الترتيب في الرسالة ولا تكتفي بتسمية الفصول فإن من سيطبع لك لن يفهم هذه التسميات.
  • اصطحب معك صديق يوم الطباعة، والأفضل أن يكون من نفس تخصصك وأن يكون مميزا للألوان، فغالباً ستكون أنت مرهق وغير قادر على تمييز نماذج ألوان الطباعة المعروضة عليك يومها.
  • الأفضل أن يكون الصديق المرافق لك معه سيارة، ولا تقود انت في هذا اليوم فعقلك سيكون ملئ بتفاصيل الرسالة وستكون مشوش غالباً.
  • لا تبدأ في التغليف قبل طباعة نسخة واحدة تجريبية كاملة وعرضها بدون غلاف على أحد المشرفين وعلى إداريي الدراسات العليا فهم أدرى بنظام الجامعة في ترتيب الطباعة وتنسيقها.

نصائح عامة :

  • لا تقارن نفسك بأحد، كل له قدراته وكل له ظروفه، وإن كان هدفك من أداء الرسالة هو مقارنة أو منافسة مع احد فقط فتوقف عن البحث وعد لعملك.
  • اذا كان مجالك العملي متعارضاً مع ما تفهمه علمياً كتخصص، فاختر ما تفهمه بحثياً لا ما ينفعك عملياً. طبعاً إن استطعت الجمع بين الأمرين فبها ونعم.
  • الأمر ليس شخصيا، فطبيعي جدا أن يرفض أساتذتك بحثك مراراً وتكراراً حتى ينضبط علميا، رأيت من يفسر ذلك بسيناريوهات وأوهام لا أصل لها ابداً. والحقيقة أنك لو قدمت بحثا علمياً منضبطاً فإن أساتذتك سيكونون سعداء جداً وسيسعون لأن تنهي بحثك وسيساعدوك في كل خطوة.
  • لا تهتم بالسياسة أو الأحداث العامة طوال فترة البحث، واعلم انك من فئة نادرة جداً في المجتمع ليس لها تأثير. ولن تنال إلا ضياع وقتك و هو أثمن ما يمتلكه الباحث.
  • هناك دائما طريق مختصر، لا أقصد بهذا الطرق الملتوية أو الغش، إنما أعني أن هناك دائما حلاً سهلاً لما تفعله، حتى لو في أمورك الحياتية. فجهل أحد الباحثين بأمر Excel  واحد اضاع منه شهراً كاملاً.
  • إذا وجدت نفسك في حفرة، توقف عن الحفر… فمثلا كان أحد الباحثين قد تبنى طريقة للقياس لم يقتنع بها اساتذته، وطوال عام كامل حاول ان يقنعهم بها دون جدوى، فلم يجد هذا الباحث بداً من تغيير المنهجية وطريقة القياس تماماً حتى يخرج من هذا الطريق المسدود.
  • إذا اكتشفت خطأ في حسابات احدى الإحصائيات ووجدت انه اثر على باقي الأجزاء الإحصائية لا تتبع الخطأ، بل أعد الحسبة من أولها لأن هذا أسهل وأوفر للوقت.
  • تعامل مع قتلة وقتك، أحيانا ما يكون هناك شخص أو عادة أو موقع تواصل اجتماعي يقتلون وقتك، حدد طريقة التعامل معهم وبسرعة، هناك من الباحثين من فر من اطفاله واستأجر شقة للدراسة، وهناك من اغلق حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، هناك دائما طريقة للتعامل مع قتلة الوقت.
  • كلما تأخرت كلما كانت المعادلة صفرية، في البداية قد تنجح في الجمع بين الوظيفة والرسالة، لكن بمرور الوقت يكون من الصعب الجمع بين الإثنين، وقد يأتي يوم تجد نفسك فيه مضطرا إلى التخلي عن إحداهما لمصلحة الأخرى، فلا تتأخر.

نصائح المنطقة المظلمة :

لا تتورط في المنطقة المظلمة  Don,t get in the Dark Area، ومصطلح المنطقة المظلمة المقصود به هو الفترة بعد الأساسية، وهي الفترة التي تحسب غالباً بخمس سنوات منذ التسجيل في أغلب الجامعات. وتبدأ المنطقة المظلمة منذ أول مد القيد. ولهذه المنطقة المظلمة نصائح و محاذير، منها ما يلي:

اجمد كده عشان المرحلة المظلمة
اجمد كده عشان المرحلة المظلمة
  • مشكلة هذه الفترة ان المعادلة تكون صفرية، اذا مرضت مرضا شديدا ضاعت الرسالة، اذا قمت بعمليه جراحية ضاعت الرسالة، اذا تزوجت أو استقبلت مولودا جديدا ضاعت الرسالة.
  • مشكلة اخرى للمنطقة المظلمة وهي ان كل اسبوع فيها تعتبره (اسبوع الرسالة الاخير)، لقد مكث أحد الباحثين في هذا الأسبوع الأخير ثلاث سنوات كاملة.
  • لا تغير اساتذتك، فمن الصعب جداً ان تتعرف على آخرين وطريقة تفكيرهم العلمية، فضلاً عن انك لن تجد من يتحمس لباحث يبدأ في وقت النهاية.
  • لا تغير موضوع البحث تغييرا جذرياً .
  • لا تكتب بحثاً تحبه، بل اكتب ما يقرره الأساتذه.
  • لا يوجد بحث يبدأ وينتهي في ستة اشهر، هذه الاسطورة غير صحيحة.
  • لا تصل الليل بالنهار، فإن يوم واحد من دون نوم يضيع يومين بعده.
  • اشترِ طابعة فأنت معرض لطلب البحث في أية لحظة.
  • لا تنعزل كثيراً، بل تواصل مع اساتذتك على فترات قريبة حتى وإن لم تكن قد انجزت شيئاً.
  • لا تشعر بالفزع، هذه المرحلة المظلمة ليست لأصحاب القلوب الهشة.

مهارات مهمة للباحث :

  • فهم حقيقي لمادة مناهج البحث العلمي ، والتمييز بين المنهجيات المختلفة وتحديد نوعية بحثك من البداية وما اذا كان استقرائياً ام استنباطياً. ووضع محددات واضحة ومعقولة للبحث فإن أول السقوط هو البحث اللانهائي.
  • مهارات الكتابة الفنية، من حيث طريقة السرد عامة ( تتابع تاريخي – السبب واثره – الطريقة المقارنة – الطريقة المركبة ). ومن حيث التنسيق وطريقة الكتابة والمراجع، ويفضل ان يدرس الباحث برنامج Word. ويفضل أن يكتب بحثه بنفسه.
  • اللغة الانجليزية، فمن الافضل ان تتعلم القراءة لكتب علمية انجليزية قبل البدأ في البحث، والافضل ان تكتب بنفسك قاموساً لمصطلحات شائعة في مجالك لن تجد معناً لها في القواميس العادية.
  • الإحصاء، هناك برامج متعددة للإحصاء، والأفضل أن تدرسها على يد متخصص قبل ان تبدأ في إجراء حساباتك، وعلى اية حال كلما تعثرت في برنامج مثل اكسيل فابحث عن الحل في you tube  بصيغة  how to make ….
  • مهارات اجتماعية، ارشح لك قراءة كتاب ” كيف تكسب الاصدقاء وتستحوذ على الناس ” لمؤلفه ديل كارنيجي
  • الأعصاب الحديدية، ارشح لك ايضا كتاب لديل كارنيجي هو ” دع القلق وابدأ الحياة “

أخطاء شائعة عند كتابة البحث :

  • الخطأ الاشهر على الاطلاق… تأليف كتاب

معظم الباحثين لهم فهم خاطئ عن الجزء النظري، فمنهم من يظنه البحث كله، والواقع ان هذه المشكلة سببها الاساسي هو عدم معرفة الهدف من الجزء النظري، الخلفية التاريخية أو مجموع ما كتب عن الموضوع، والهدف على قدر علمي هو تحديد ما وصل اليه الاخرون في هذه النقطة وما هي النقاط التي لم يبحثوها لتبحثها انت، أو للتأكيد على فرضية بحثك أو انكارها.

  • الظن ان مناهج البحث حشو لغوي أو سفسطة فكرية، وعدم التفرقة بين المنهجين الاستقرائي والاستنباطي، وهو ما يؤدي الى بحث عشوائي في النهاية.
  • الخطأ الذي يقتل البحث العلمي عموماً، وهو الإستخفاف بالقياس والجزء العملي بالرسالة، هناك للأسف من يؤلف نتائجه، رغم انه لو قاس مشكلته بشكل علمي حقيقي لفتح له ذلك آفاقاً واكتشافات لم يكن يتصورها.
  • التحيز أو ضعف ضمانات موضوعية البحث.
  • القراءة التلقيطية، أحياناً كلما وجد الباحث شيئا له علاقة قرأه، وإن لم يجد لم يقرأ، وإن قرأه وضعه في البحث حتى يتحول إلى قصاصات عشوائية لا معنى لها. ولأن الضد بالضد يفهم أذكر مثالا جيداً على طريقة النول هذه وما المقصود فعلا بطريقة الاستدلال بالمراجع، وهو ما فعله روجيه جارودي في كتابه (الاساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية) فقد وقف جارودي موقف المحايد تماما ولم يكتب رأيه بل استند بمراجع موثقة ذات مصداقية عند الجمهور والمؤرخين، وصاغ الحدث تلو الآخر والمقال تلوالآخر بشكل مؤرَخ حتى يجد القارئ نفسه في النهاية قد أيقن من تهويل كارثة الهولوكوست (محرقة اليهود) وعدم منطقية اعداد الضحايا ( وهذا لا ينكر حدوثها فعلا).

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى