كاتب ومقال

بائعة المناديل (3)

عقل حسنات لا يتوقف عن التفكير، تملك حذاقة لا تملكها أمها آمال، وكيف لا يحدث وهى ذهبت للمدرسة لثمان سنوات متتالية قبل أن تتركها وتعمل مع أمها وتزاملها في بيع المناديل بالميدان..

كل نهاية ليلة وهم في طريق العودة، تلح عليها أن تبيع شئ أخر بجوار المناديل، آمال تخشى التجريب وتخاف ما تجهله، بيع المناديل لا يسبب لهم أذى ولا يُدخلهم في مشاحنات مع باقي الباعة ومع مطاردي المتسولين، المناديل سلعة طيبة تجذب التعاطف والشفقة ولا تجذب أعين الطماعين..

جدال يومي معتاد لا ينهيه غير صرخة من فم آمال وهى تتهم حسنات بأنها “جلابة المصايب”، حسنات تقبل خسارة النقاش، لكنها تستمر في خيالها وأفكارها حول بيع سلع شريرة غير المناديل الطيبة..

وقفت تتفحص بضاعة الحاج منيب وعقلها الصغير يبحث عن شئ يصلح للبيع ولا يتجاوز جنيهاتها القليلة التي لا تعلم آمال عنهم شئ، منيب ينظر لها بضيق ويستغرب صمتها وتحديقها في أرفف الدكان، زبائن الحاتي لا يشترون المناديل الطيبة، لكنهم بلا شك قد يشترون منها اللبان وعبوات النعناع المنعش..

خبئت بضاعتها الشريرة عن آمال حتى جلست خلف قفص بضاعتها، لم تنادي من قبل وتسوق لبضاعتها الطيبة، لكن البضاعة الشريرة تستحق تغيير قوانين اللعبة والبيع، كلما خرج أحدهم من محل الحاتي، هتفت بصوتها الرفيع:
– عطر بقك يا بيه

عبوة بعد عبوة وورقة الخمسة جنيهات تجذب عبوة مناديل معها، جنيهات حسنات عادت مضاعفة، قبل الرحيل خبئتهم جميعًا في ملابسها وهى تضع ثمن المناديل الطيبة بيد آمال المندهشة من تضاعف حصة البيع، إبتسمت بدهشة.. لكنها لم تعرف أن البضاعة الشريرة هى السبب في رواج بضاعتها الطيبة.

بقلم
أحمد عبد العزيز صالح

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى