كلمة ورد غطاها| ذكاء اصطناعي من انهي اتجاه؟
الحديث عن الذكاء الاصطناعي لن ينتهي، منذ نوفمبر الماضي ومنذ انتشار تطبيق ChatGPT على نطاق واسع، الكل أصبح قادرا على التعامل معه، و للعلم هذا التطبيق بدأ بداية محدودة ببيانات محدودة حتى اتصل بشبكة الإنترنت وهنا أصبح قادرا على الاتيان بأي معلومة من المواقع الحية.
الموضوع ببساطة أننا نحاول أن نقلد العقل البشري في قدراته وفيما يفعله، العقل البشري ببساطة يحتاج إلى بيانات ومعلومات ومعارف وخبرات ومواقف، يخلطها معا ثم يقوم بعمليات مقارنة واستخلاص للمعلومات والنتائج ثم يقوم بصياغتها بصورة مفهومة، هذا ما يفعله الذكاء الاصطناعي ببساطة وفي أي مجال وأي صورة، ليس من الضروري أن تكون في شكل كتابة، فالكتابة هي أحد صور تعامل منظومات الذكاء الاصطناعي مع البيانات، لكن يستطيع الذكاء الاصطناعي التعامل مع الصور واللوحات أو مع الأصوات والمقاطع المصورة، يخزن ويبحث ويقارن ويستخلص وينتج أشكال جديدة، يطلق على هذا النوع من الذكاء اسم الذكاء الاصطناعي التوليدي Generative Artificial Intelligence أي أنه يولد معارف جديدة ومحتوى جديد بناء على ما تم إدخاله له من قبل و بناء على القواعد والأسس التي يتم برمجتها في خوارزمياته، بمعنى أن ما لم يتم برمجته لن يستطيع الذكاء الاصطناعي التعامل معه.
لكن يتحدث البعض عن الذكاء الاصطناعي القادر على تطوير أساليب تعامله مع البيانات بمفرده، أي يستطيع أن يتعلم أساليب ومعارف ومهارات لم يبرمجه بها صاحبه من قبل وللأمانة فإن هذا النوع من الذكاء الاصطناعي لم يظهر إلى الوجود حتى الآن، لذلك لا داعى للقلق من إن يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يتصرف بمفرده وإن يفعل أشياء من تلقاء نفسه، وللأمانة أيضا تجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من الذكاء الاصطناعي قيد التطوير بالفعل وفي النهاية عندما يتحول هذا إلى واقع ستكون البشرية في مأزق شديد.
في هذه الحالة لن يحتاج الذكاء الاصطناعي إلى الإنسان وإلى تعليماته، سيتعلم بمفرده وسيتفوق على صانعيه، وللمقارنة فإن ما يتفوق فيه الذكاء الاصطناعي حاليا هو قدرته على تخزين كم مهول من المعارف و البيانات، كم لا يستطيع أي عقل بشري أن يستوعبه وأن يخزنه، كما أنه يتمتع بسرعة فائقة في معالجة تلك البيانات واستخراج نتائج.
دعونا نأخذ مثالا بسيطا فالإنسان المحب للقراءة قد يكون قادرا على قراءة رواية كبيرة مكونة من 500 صفحة في ثلاثة أيام ولكن بالطبع بعد الانتهاء منها -أو حتى قبل هذا- سيكون قد نسى بالفعل بعض من أحداثها، أما الذكاء الاصطناعي فإنه لا ينسى على الاطلاق كما أن سرعته في الاستيعاب مهولة، يستطيع قراءة آلاف الكتب الكبير في دقائق معدودة ومن ثم يستطيع البحث فيها في وقت قصير وتلك هي الميزة الوحيدة حتى الآن.
بالطبع هذه الميزة غير متوفرة لدى البشر وعليه فإن ما يقدمه من النتائج يكون مبهرا في الكثير من الأحيان بشرط سلامة البيانات المخزنة ومهارة الخوارزميات -البرامج-المشغلة له.
أمر مشابه يحدث في حالة الملفات الصوتية أو المصورة أو مقاطع الفيديو ولذلك فإن كل الانبهار الحالي يحدث من قدرته على محاكاة الأصوات وإنتاج لوحات وصور ومقاطع متحركة جديدة بناء على ما هو مخزن لديه وللأمانة أيضا فإن ما يقوم به الذكاء الاصطناعي يوضح أن ليس لكل الأنظمة نفس درجة المهارة-أو الذكاء- فبعضها متطور وبعضها بدائي وأما الحديث الذي ينتشر بين أنصار ومعارضي الذكاء الاصطناعي بين المميزات والعيوب والمخاطر فانه أمر مشابه للجدل حول فوائد ومضار السكين أو المسدس.
وللحديث بقية.
بقلم
د.زياد عبد التواب