كلمة ورد غطاها| انتحار المروحة
انتشرت منذ عدة أيام أخبار عن انتحار إنسان آلي “روبوت” يعمل في إحدى المؤسسات الحكومية بكوريا الجنوبية لإصابته باكتئاب جراء العمل لساعات طويلة دون الحصول على قسط من الراحة، وحاولت بعض الأخبار الأخرى التجويد بالقول بأن الروبوت والذي يعمل منذ أغسطس من العام الماضي قد قام بتقديم أكثر من شكوى لمدرائه يتضرر فيها من العمل الشاق الذي يقوم به.
والحقيقة أن الأمر لا يعدو أن يكون فرقعة صحفية هدفها جذب الانتباه وإثارة الجدل لا أكثر ولا أقل، فمن المعروف أن كوريا الجنوبية تحتوي على أعلى معدلات لاستخدام الروبوتات، بل إن الإحصائيات تشير إلى أن النسبة هي روبوت واحد لكل عشرة موظفين، كما أن المعلومات الخاصة بهذا الروبوت تشير إلى أنه يعمل تسع ساعات يوميًا فقط، من التاسعة صباحًا وحتى السادسة مساءً، حيث تتلخص مهامه في نقل الملفات الورقية بين مكاتب الموظفين واستدعاء المصعد وأيضًا إمكانية الاتصال بالنجدة حال حدوث حريق أو ما شابه.
ما حدث على وجه التحديد أن هذا الروبوت بدأ فجأة في الدوران حول نفسه عدة مرات قبل أن يسقط من أعلى السلم الداخلي للمبنى ليتهشم وتتطاير بعض من أجزائه الميكانيكية والإلكترونية، وحتى الآن لم تخرج المؤسسة أو الشركة المصنعة ببيان رسمي عن سبب ما حدث، حيث قامت جهات التحقيق بجمع تلك الأشلاء وتقوم حاليًا بفحص الروبوت ودراسة سلوكه في الفترة الأخيرة في محاولة لكشف الحقيقة والتعرف على السبب الرئيسي الذي أدى به إلى هذا السلوك الغريب.
وحتى يصدر هذا البيان، فإن الأمر لا يعدو أن يكون عطلاً ميكانيكيًا أو كهربائيًا أو عطلًا أصاب البرنامج الذي يعمل من خلاله هذا الروبوت، وربما يكون عطلاً في نظام الاتصال بين الروبوت ونظام التحكم أو هجومًا سيبرانيًا أدى إلى هذا السلوك غير الطبيعي أو أي سبب آخر ليس من بينه ما يقال عن أنه قد أصيب بالاكتئاب أو الضجر نتيجة ضغط العمل..
فحتى الآن لا تمتلك تلك الأجهزة أي مشاعر إنسانية، اللهم بعض المشاعر المصطنعة المبرمجة من قبل، ولكن لا يمكن تطوير تلك المشاعر أو تغييرها أو تأجيجها، وهو أمر يرى البعض أنه لن يحدث على الإطلاق فيما يرى البعض الآخر -وهم قلة- أن هذا من الممكن أن يحدث بعد عشرات السنين وبنسب محدودة. ولذلك فإن الحديث عن انتحار الروبوت يشبه تمامًا وصف احتراق الموتور الداخلي لمروحة السقف بأن المروحة انتحرت.