في كل بقعة على أرض الوطن العربي تجد العبارة الأبرز: “هنا القاهرة”، وكيف يكون صباحًا، دون أن يحمل نكهة “يا صباح الخير ياللي معانا” لكوكب الشرق أم كلثوم، أو “يا حلو صبح يا حل طُل” لمحمد قنديل، أو صوت السماء لعلم التلاوة في العالم العربي والإسلامي، فضيلة الشيخ محمد رفعت؟
مصر التي وردت في القرأن الكريم صراحة وكناية، في أكثر من 30 موضعا، منهم 5 مرات بصورة صريحة، فذكرها الله بالأمان والأمان، وأشار إليها يوسف الصديق على أنها خزائن الأرض، وامتدح فرعون موسى ملكها وأنهارها، حتى قال الفقيهُ المؤرخُ وليُّ الدِّين أبو زيد عبد الرحمن ابن خَلْدون الحضرمي (ت 808هـ/1406م): “أهل مصر [يعيشون] كأنما فَرَغُوا من الحساب [الأخروي]”، ذلك أنهم “غَلَبَ الفرحُ عليهم والخِفّة والغفلة عن العواقب”؛ فبلادهم هي “حضرةُ الدنيا وبستانُ العالم، ومَحْشَرُ الأمم ومَدْرَجُ الذَّرِّ من البَشر، وإيوانُ الإسلام”.
إن مصر أيضا كما يراها ابن خلدون، وهو صاحب المقدمة: “حضرة الدنيا وبستان العالم، ومحشر الأمم، ومَدْرَج الذَّرّ من البشر، وإيوان الإسلام، وكرسي المُلك، تلوح القصور والأواوين في جوّه، وتزهو الخوانق والمدارس بآفاقه، وتضيء البدور والكواكب من علمائه”
هي مصر التي نهل الشافعي من علوم شيوخها، فأضاف إلى مذهبه وجدد، وحسن وجوّد، فكان كما قال تلميذه الإمام أحمد، رحمهما الله: “عليك بالكتب التي وضعها بمصر، فإنه وضع هذه الكتب بالعراق ولم يحكمها، ثم رجع إلى مصر فأحكم ذلك” كما أورد الإمام البيهقي عن مناقب الشافعي.
على وجه البسيطة، لن ترى دولة تعاقبت على أرضها هكذا حضارات كما فعلت مصر، التي استضافت اليونان والرومان والبطالة وغيرهم الكثير، فعرفت أول حكومة في التاريخ، وأول ثورة ضد الإقطاع، ودعا إخناتون إلى التوحيد في ربوعها، فيها ولدت هاجر أم العرب وسيدنا إسحق أبو اليهود، وإليها لجأ المسيح وجاء يوسف ليصبح عزيزا، وكلم الله موسى.
لو تحدثنا فلن تكفينا عشرات الكتب لنعرف عظمة الدولة المصرية الراسخة منذ آلاف السنين، والتي تضمنتها موسوعات كُثُر، وكتابات بمختلف اللغات حول العالم، فليتنا ندرك ما تمثله مصر لأهلها وللوطن العربي بأكمله، ولا أبالغ لو قلت للعالم كله، لما تمثله من مصدر توازن مهم وتحقيق السلام العالمي.
وسط كل هذا الزخم من العلوم والفنون والثقافة، ترانا الآن نحتفي بتحقيق فيلم لا يعبر عن ثقافة مصر الخالدة لمليارات الجنيهات، في الوقت الذي تضم فيه عشرات المخرجين النابغين، لتقدم للسينما العربية عشرات الروائع من الأعمال الخالدة.
في الوقت ذاته، يصارع فيلم مثل “أهل الكهف” ليحكي القصة القرآنية التي تتحدث عن هؤلاء الفتية، والتي تشير إلى صراعهم بين معتقدات أهلهم، وعودتهم بعد نوم طويل لمئات السنين، ليكتشفوا ما حدث من تغيير حولهم.
الكثير من المسارح المصرية تعرض الأعمال الإبداعية الممتعة، يمكنكم أن تضعوها على جدول الأسرة، ولو لمرة واحدة في الشهر، لتكون بندا من الميزانية الشهرية لكل بيت.