كاتب ومقال

دار في خاطري| لا للرعب

هل أنت من محبي مشاهدة أفلام الرعب وقراءة روايات الرعب؟! وإذا كنت من هواه هذا اللون الأدبي فهل تفضل مشاهدته مصورا أم تقرأه وتترك لخيالك العنان في صنع الصورة التي تروق لك لتتناسب مع ما تقرأ؟! وبماذا تشعر بعد مشاهدة وقراءة الرعب؟! هل تشعر بالراحة؟! هل تشعر بالخوف والقلق؟! هل تشعر بالرغبة في مزيد من جرعات الرعب؟! هل تعتقد أن مشاهدة وقراءة الرعب يساعدك في مواجهة مصاعب الحياة؟! هل أنت على يقين بأن غريزة الإنسان تدفعه دائما للبحث عن المخاطر، والعنف مما يجعله يشبع تلك الغريزة من خلال أفلام وروايات الرعب؟! من وجهة نظرك الرعب مفيد أم مضر لحالة الإنسان النفسية؟!

لماذا يفضل الناس مشاهدة أفلام الرعب وقراءة روايات الرعب عن غيرها من الألوان الفنية والأدبية؟! سؤال يراود كل المهتمين وغير المهتمين بالرعب، فعلى الرغم من صعوبات الحياة، والخوف الذي يحيط بنا ويلاحقنا في شتى الأمور الحياتية، تجد الناس يهرعون إلى قراءة ومشاهدة الرعب، أليس من الأفضل أن يلوذون بصنف أدبي آخر يخلق لهم عالما بعيدا عن الواقع؟!

وهنا علم النفس يجيب بأن الإنسان يفضل قراءة الأقرب إلى واقعه، كما أن الإنسان بداخله غريزة الإنسان البدائي التي تميل دائما للعنف، والبحث عن المخاطر، لذا تجده يخوض المغامرات مهما بلغت خطورتها، وتجد ترفيهه الأمثل في الذهاب إلى مدينة الملاهي وخوض مغامرة الالعاب الخطيرة، كما أن مشاهدة فيلم رعب أو قراءة رواية رعب تجعله قادرا على مواجهة مصاعب الحياة بشكل أفضل، فذلك بمثابة تحدي للصعوبات ودليلا على رغبته في الاستمرار في هذه الحياة.

أما إذا نظرنا إلى رأي الأطباء فنجدهم ينصحون أصحاب بعض الأمراض وخاصة أمراض القلب بعدم مشاهدة وقراءة الرعب وذلك لأن الإثارة التي يحدثها الرعب تتسبب في زيادة هرمون الادرينالين الذي يتسبب في ضيق الشرايين، فيقوم القلب بجهد أكبر في ضخ الدم، فتزداد ضربات القلب، ويقوم البنكرياس بإفراز نسبة عالية من الأنسولين وذلك لمواجهة الادرينالين مما يعرض الإنسان للإصابة بمرض السكر.

ولكن هل حقا طبيعة الإنسان تميل دائما إلى العنف، أو أنه يبحث دائما عما يخيفه فيجد ضالته المنشودة في الرعب؟! إن الله عز وجل قبل خلقه للإنسان قال للملائكة “إِنِّي جَاعِلٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةٗۖ قَالُوٓاْ أَتَجۡعَلُ فِيهَا مَن يُفۡسِدُ فِيهَا وَيَسۡفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ قَالَ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ” فإذا كانت هي حقا طبيعة الإنسان فقد نهى الرسول عليه الصلاة والسلام عن الرعب، والتخويف، وترويع الآمنين، وشمل هذا النهي الإنسان والحيوان والطيور.

وهنا يطرح هذا السؤال نفسه هو أين التخويف وترويع الآمنين في صناعة فيلم رعب أو كتابة روايات الرعب؟! مشاهد الفيلم يختاره بمحض إرادته، وقارئ الرواية يبحث عنها من بين ملايين الكتب، فهو من اختار لنفسه الرعب غير مجبرا أو مكرها عليه، أجل! هذا صحيح ولكن الخطر يكمن حين تتحول تلك الأفلام والروايات إلى مصانع لإنتاج المجرمين، ولكنهم ليسوا كأي نوع من المجرمين، إنهم مجرمون من نوع خاص، أكثرهم من المراهقين، مجرمون يرتكبون جرائمهم من أجل إشباع غرائزهم التي لم تعد تشبعها أفلام وروايات الرعب، ألم تلحظ إزدياد عدد القتلة في عمر الأربعة عشر والخامسة عشر؟! ألم تلحظ أن منهم من يعتبر جريمته أمرا عاديا لا خطأ فيها؟!

وماذا عن الجرائم المختبئة داخل النفس؟! تتربص وتتحين الفرصة للخروج ليست منبوذة إجتماعيا، بل بالعكس محببة لدى الأغلبية العظمة، ألم تسمع شاب أو فتاة في عمر الخامسة عشر يقول: “أريد الإلتحاق بكلية الطب من أجل التشريح”؟! هل تستطيع أن تتخيل ما سوف يفعله ذلك الطبيب المتعطش لإشباع غريزته في أن يصبح بطلا لأحد أفلام الرعب أو روايات الرعب؟! وماذا بعد؟!

لكل إنسان الحرية المطلقة فيما يشاهد وما يقرأ، فيما يعتقد وما يصدق، وفيما يرغب به مادام لا يؤذي الآخرين، ولكن لابد أن نتذكر دائما ديننا الحنيف نهى عن ترويع الناس، وحث على التفكير في عواقب الأمور.

بقلم: ريم السباعي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى