كلمة ورد غطاها| بودكاست لكل مواطن
المتابع لمنصات التواصل الاجتماعي حاليًا تتقافز إلى أنظاره وإلى مسامعه مقاطع مصورة لشخص أو شخصين يجلسان سوياً فيما يشبه استوديو الإذاعة وأمام كلا منهما مايكروفون كبير الحجم يذكرنا بما كان عليه الحال في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، وفي بعض الأحيان لا يكون اللقاء فيما يشبه الاستوديو ولكن يكون في صالون منزل أو قاعة اجتماعات مع الكثير من الديكورات ذات الألوان الزاهية، وفي الغالب يكون الجالسين في حالة استرخاء بعيدًا عن رسميات الاستوديوهات التقليدية.
هذا الشكل من الإعلام يطلق عليه مصطلح “بودكاست” Podcast والذي يعني باختصار أن المادة المقدمة موجودة بصورة رقمية على شبكة الإنترنت متاحة للمشاهدة في أي وقت أو التحميل على الأجهزة ولها العديد من الأنماط. أولها النمط الفردي، أي أن المؤدي – أو المذيع إن جاز التعبير – يقوم بتقديم المحتوى بمفرده مع إمكانية استخدام التقنيات الرقمية لكتابة أو استعراض مؤثرات بصرية أثناء اللقاء.
الشكل الثاني أن يكون البودكاست ثنائيًا، بين مذيع وضيف أو بين ضيفين يتناقشان حول موضوع ما تمامًا كما نقوم به مع الأصدقاء في أحد المقاهي أو حجرات المنزل أو العمل.
من الأنماط الأخرى أيضًا أن يقوم الشخص بقراءة كتاب أو قصيدة أو أغنية، وأخيرًا أن يكون اللقاء جماعيًا أي بين أكثر من شخصين.
بالرجوع إلى بعض الإحصائيات نجد أن عدد البودكاست عام 2024 يصل إلى 5 مليون بودكاست أنتجوا حوالي 70 مليون حلقة، أي بمعدل حوالي 14 حلقة لكل منهم، وبرغم أن هذا الرقم لا يزال ضئيلاً مقارنة بأعداد مستخدمي شبكة الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي أو حتى مقارنة بأعداد المواقع الإلكترونية النشطة، إلا أنني، وخلال التصفح اليومي لتلك المنصات، أجد الكثير من البودكاست يعترضني، منها القليل المفيد والكثير الرديء أو حتى البذيء.
انتشر البودكاست انتشارًا كبيرًا حيث قامت الكثير من المؤسسات الإعلامية والثقافية بعمل بودكاست، هذا بالإضافة إلى البودكاست الشخصي الذي يقوم به شخص معروف أو مجهول يقدم فيه ما يشاء.
في جميع الأحوال، الناظر إلى هذا التنوع يشعر بأنه يوجد بودكاست لكل مواطن أو أنه سيتم توزيعه على بطاقات التموين، وذلك من الكم الكبير الذي يهبط على رؤوس المستخدمين كالسيل العرم. فهل هذا أمر محمود أم مذموم؟
سيقول البعض إن الانتشار والحرية هما سمتا عصر المعلومات وإنه لا ضرر من أن تنتشر التجارب الجديدة، وأن الجيد سيطرد الردئ، فيما يعترض البعض الآخر ويقارن المحتوى والأداء بما تربينا عليه في قنوات التليفزيون المصري والإذاعة المصرية، وأن غياب المرجعية الموثقة سيتسبب في الكثير من اللغط والمعلومات والأفكار المغلوطة التي ستتحول إلى حقائق ومسلمات نتيجة كثرة ترديدها والاستماع إليها في البودكاست المنتشر هنا أو هناك.