إبراهيم المازني.. مشوار حياة صاحب “صندوق الدنيا”
إبراهيم عبد القادر المازني شاعر وناقد وكاتب صحفي، وأطلق عليه شاعر الفكاهة والسخرية، فأخذت كتاباته الطابع الساخر، وعرض من خلال روايته حياة المجتمع المصري بإيجابياته وسلبياته في تلك الفترة بأسلوب مميز من خلال كتابه صندوق الدنيا.
ولادة المازني
ولد في 10 أغسطس عام 1889 وعاش لمدة 60 عامًا، ليضع له القدر نهاية درامية مثل حياته، ليتوفى في نفس يوم ولادته، يوم 10 أغسطس عام 1949، ليعيش المازني معظم حياته بين كتابة الرواية والشعر والنقد بجانب الصحافة، ليضع له مكانة بين أدباء وشعراء عصره.
الفقر هو المعلم الأول للمازني
ولد المازني في حي الإمام الشافعي بالقاهرة بالقرب من المقابر، ليكون فلسفته الخاصة عن الحياة والموت الذي يطوي جميع الناس، رحل والده وهو لم يبلغ التاسعة من عمره، ليتكفل به أخوه الأكبر لفترة زمنية لم تدم طويلًا، ليمتنع عن مساعدته وتعليمه، ليشعر حينها المازني بوطأة الفقر في ذلك الوقت من حياته، ويذكر المازني في كتابه “قصة حياة”، ما حرم منه وهو طفل ويقول: “أتظن نفسك طفلًا له أن يلهو ومن حقه أن يرتع ويلعب؟ لشد ما ركبك الوهم يا صاحبي! لا كرة ولا لعب، وعليك أن تثبت الآن وثبًا من هذه الطفولة”.
“على قدر سعي المرء وما يبذله من جهود يكون استحقاقه، لأن الحياة هي الحركة والجهاد لا النوم والتواكل”.
المازني من حلمه للطب.. لشغفه بالكتابة
أنهى المازني دراسته الثانوية ليلتحق بالطب، ليقلع عن الفكرة تمامًا بعد أن أغمى عليه داخل المشرحة، لتنهي هذه الحادثة علاقته نهائيًا بالطب، ليتحول حلمه لدراسة الحقوق، لتحول الظروف المادية للأسرة لتحقيق حلم المحاماة، ليلتحق بعدها بمدرسة المعلمين، ليتخرج ويعين مترجمًا في مدرسة السعيدية، ليحصل له بعد فترة حادث يتسبب له في عاهة مستديمة طوال حياته، ليحدث تغييرًا جذريًا في حياته ويبدأ بالكتابة في الصحافة.
“وجهت قلبي إلى المعرفة، وبنيت لنفسي آمالًا وغرست أوهامًا وأحلامًا من كل نوع، وكان نصيبي من كل ما بقى.. قبض الريح”
إبراهيم المازني الأديب والصحفي
بدأ المازني الكتابة في الصحف ونشر العديد من المقالات وهو طالب بالجامعة، كما اشترك مع أمين الرافعي في تحرير صحيفة البيان، ونشر في عدة صحف، واشتهرت جميع مقالاته بالسخرية اللاذعة، وجمعها في عدة كتب مثل “حصاد الهشيم، صندوق الدنيا، قبض الريح”.
قام المازني بترجمة العديد من الروايات والقصص من اللغة الإنجليزية مثل “رباعيات الخيام، الآباء والأبناء، سانين”، كما اشتهر المازني بالنقد، فقد انتقد المنفلوطي وطه حسين وأحمد شوقي، ووصل به النقد لدرجة أنه انتقد نفسه، وكان أول كتاب في النقد له كتاب “غاية ووسائط” وقاربت مؤلفاته الأربعين كتابًا.
أشهر مؤلفات المازني
يعد إبراهيم المازني من رواد مدرسة “الديوان”، وهي حركة تجديدية في الشعر العربي ظهرت على يد المازني وعباس محمود العقاد وعبد الرحمن شكري، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى كتاب ألفه كل من المازني والعقاد واسمه “الديوان في الأدب والنقد”، كما ترك المازني ثروة ضخمة من المؤلفات الأدبية المتنوعة، ومن أشهر إنتاجاته الأدبية:
– حصاد الهشيم
– صندوق الدنيا
– خيوط العنكبوت
– في الطريق
– عود على البدء
– إبراهيم الثاني
– ثلاثة رجال وامرأة
المرأة في حياة المازني
كان المازني شديد الارتباط بأمه، فهي كانت بالنسبة له مثله الأعلى، وكان يضعها في أعلى منزلة في حياته، ويذكر أن المازني عشق مرارًا كثيرة تصل إلى 17 حبيبة، فقد كتب فيه صديق العقاد قصيدة، نصها: “أنت في مصر دائم المهيد.. بين حب عفي وحب جديد”، ليتزوج بعدها المازني عام 1919 من زوجته الأولى لتتوفى في ريعان شبابها حتى قبل أن ينجب منها، ليتزوج للمرة الثانية وينجب منها ولدين وبنت، لتتوفى أيضًا ابنته في سن صغيرة، بالرغم من المأساة التي عاشها المازني، إلا أنه كان يتخذ السخرية مسلكًا ووجهًا من أوجه البؤس الذي كان يلازم المازني طوال حياته.
ويبقى في النهاية ملمح السخرية في شخصية المازني التي تميز بها، فهو الذي كان يسخر من جميع الأشياء ومن نفسه أيضًا التي ظلت تعاني طوال حياته، ليلفظ نفسه الأخير على سرير المستشفى على يد ابنه الأكبر ضاغطًا على يديه، ليفارق الحياة ولا تزال الابتسامة على شفتيه.
اقرأ أيضا: محمود درويش.. شاعر الجرح الفلسطيني بين اللجوء والثورة